أيْضاً رأسَ الْعَضُدِ عَنِ الانْخِلاعِ ثُمَّ لا تَزَالُ تَسْتَعْرِضُ كُلَّمَا أَمْعَنَتْ فِى الْجِهَةِ الإنْسِيَّةِ لِيَكُونَ اشْتِمَالُهَا الْوَاقِى أَكْثَرَ، وَ عَلَى ظَهْرِهِ زَائِدَةٌ كَالْمُثَلَّثِ قَاعِدَتُهُ إلَى الْجَانِبِ الْوَحْشِىِّ وَ زَاوِيَتُهُ إلَى الإنْسِىِّ حَتَّى لا يَخْتَلَّ تَسَطُّحُ الظَّهْرِ، إذْ لَوْ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ إلَى الإنْسِىِّ لَشَالَتِ الْجِلْدُ، وَ آلَمَتْ عِنْدَ المُصَادِمَاتِ. وَ هَذِهِ الزَّائِدَةُ بِمَنْزِلَةِ السِّنْسِنَةِ لِلْفِقْرَاتِ مُخْلُوقَةٌ لِلْوِقَايَةِ، وَ تُسَمَّى عَيْرَ الْكَتِفِ. وَ نِهَايَةُ اسْتِعْرَاضِ الْكَتِفِ عِنْدَ غُضْرُوفٍ يَتَّصِلُ بِهَا مُسْتَدِيرِ الطَّرَفِ، وَ اتِّصَالُهُ بِهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِى
سَائِرِ الْغَضَارِيفِ.
الْفَصْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِى تَشْرِيحِ الْعَضُدِ
عَظْمُ الْعَضُدِ خُلِقَ مُسْتَدِيراً لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ قَبُولِ الآفَاتِ، وَ طَرَفُهُ الأَعْلَى مُحَدَّبٌ يَدْخُلُ فِى نُقْرَةِ الْكَتِفِ بِمَفْصَلٍ رَخْوٍ، غَيْرِ وَثِيقٍ جِدّاً، وَ بِسَبَبِ رَخَاوَةِ هَذَا الْمَفْصَلِ يَعْرِضُ لَهُ الْخَلْعُ كَثِيراً. وَ الْمَنْفَعَةُ فِى هَذِهِ الرَّخَاوَةِ أَمْرَانِ: حَاجَةٌ، وَ أَمَانٌ. أَمَّا الْحَاجَةُ، فَسَلاسَةُ الْحَرَكَةِ فِى الْجِهَاتِ كُلِّهَا، وَأَمَّا الأمَانُ، فَلأَنَّ الْعَضُدَ وَإنْ كَانَ مُحْتَاجاً إلَى التَّمَكُّنِ مِنْ حَرَكَاتٍ شَتَّى إلَى جِهَاتٍ شَتَّى فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحَرَكَاتُ تَكْثُرُ عَلَيْهِ وَ تَدُومُ حَتَّى يُخَافَ انْهِتَاكُ أَرْبِطَتِهِ، وَ تَخَلُّعُهَا، بَلِ الْعَضُدُ فِى أَكْثَرِ الأَحْوَالِ سَاكِنٌ، وَ سَائِرُ الْيَدِ مُتَحَرِّكٌ، وَ لِذَلِكَ أُوثِقَتْ سَائِرُ مَفَاصِلِهَا [1] أَشَدَّ مِنْ إِيثَاقِ الْعَضُدِ.
وَمَفْصَلُ الْعَضُدِ تَضُمُّهُ أَرْبَعَةُ أَرْبِطَةٍ [2]: أَحَدُهَا مُسْتَعْرِضٌ غِشَائِىٌّ مُحِيطٌ [3] بِالْمَفْصَلِ كَمَا فِى سَائِرِ الْمَفَاصِلِ، وَ رِبَاطَانِ نَازِلانِ مِنَ الأَخْرَمِ، أَحَدُهُمَا
[1] ب: مفاصلها. ط، ج: المفاصل. آ: مفاصل اليد.
[2] ط، آ، ج: أربطة أربعة.
[3] ط، ب، ج: محيط. آ: يحيط.