responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 28

أيضاً أنه معتدل بالاعتدال الإنساني في مزاجه، وإلا لكان من جوهر الإنسان بعينه. ولكنا نعني أنه إذا انفعل عن الحار الغريزي في بدن الإنسان فتكيف بكيفية، لم تكن تلك الكيفية خارجة عن كيفية الإنسان إلى طرف من طرفي الخروج عن المساواة، فلا يؤثر فيه أثراً مائلًا عن الاعتدال وكأنه معتدل بالقياس إلى فعله في بدن الإنسان. وكذلك إذا قلنا أنه حار أو بارد، فلسنا نعني أنه في جوهره بغاية الحرارة أو البرودة، ولا أنه في جوهره أحر من بدن الإنسان، أو أبرد، وإلا لكان المعتدل ما مزاجه مثل مزاج الإنسان. ولكنا نعني به أنه يحدث منه في بدن الإنسان حرارة أو برودة فوق اللتين له. ولهذا قد يكون الدواء بارداً بالقياس إلى بدن الإنسان، حاراً بالقياس إلى بدن العقرب، وحاراً بالقياس إلى بدن الإنسان بارداً بالقياس إلى بدن الحية، بل قد يكون لدواء واحد أيضاً حاراً بالقياس إلى بدن زيد، فوق كونه حاراً بالقياس إلى بدن عمرو. ولهذا يؤمر المعالجون بأن لا يقيمون على دواء واحد في تبديل المزاج إذا لم ينجع.

وإذ قد استوفينا القول في المزاج المعتدل، فلننتقل إلى غير المعتدل، فنقول: إن الأمزجة الغير المعتدلة سواء أخذتها بالقياس إلى النوع، أو الصنف، أو الشخص، أو العضو، ثمانية بعد الاشتراك في أنها مقابلة للمعتدل. وتلك الثمانية تحدث على هذا الوجه، وهو أن الخارج عن الاعتدال إما أن يكون بسيطاً وإنما يكون خروجه في مضادة واحدة، وإما أن يكون مركباً. وإنما يكون خروجه في المضادتين جميعاً. والبسيط الخارج في المضادة الواحدة إما في المضادة الفاعلة، وذلك على قسمين: لأنه، إما أن يكون أحر مما ينبغي، لكن ليس أرطب مما ينبغي، ولا أيبس مما ينبغي، أو يكون أبرد مما ينبغي، وليس أيبس مما ينبغي ولا أرطب مما ينبغي، وإما أن يكون في المضادة المنفعلة، وذلك على قسمين: لأنه، إما أن يكون أيبس مما ينبغي وليس أحرّ ولا أبرد مما ينبغي، وإما أن يكون أرطب مما ينبغي وليس أحر ولا أبرد مما ينبغي. لكن هذه الأربعة لا تستقرّ ولا تثبت زماناً له قدر، فإن الأحر مما ينبغي يجعل البدن أيبس مما ينبغي، والأبرد مما ينبغي يجعل البدن أرطب مما ينبغي بالرطوبة الغريبة، والأيبس مما ينبغي سريعاً ما يجعله أبرد مما ينبغي، والأرطب مما ينبغي إن كان بإفراط فإنه أسرع من الأيبس في تبريده، وإن كان ليس بإفراط فإنه يحفظه مدة أكثر، إلا أنه يجعله آخر الأمر أبرد مما ينبغي. وأنت تفهم من هذا أن الاعتدال أو الصحة أشد مناسبة للحرارة منها للبرودة فهذه هي الأربع المفردة.

وأما المركّبة التي يكون الخروج فيها في المضادتين جميعاً، فمثل أن يكون المزاح أحر وأرطب معاً مما ينبغي، أو أبرد وأرطب معاً مما ينبغي، أو أبرد وأيبس معاً. ولا يمكن أن يكون أحر وأبرد معاً ولا أرطب و أيبس معاً.

وكل واحد من هذه الأمزجة الثمانية لا يخلو إما أن يكون بلا مادة، وهو أن يحدث ذلك المزاج في البدن كيفية وحدها من غير أن يكون قد تكيف البدن به لنفوذ خلط فيه متكيّف به،

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست