responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 243

كما قد بينا العلة فيه قد يصفيه ويفرّق بين جوهر الماء الصرف وبين ما يخالطه وأبلغ من ذلك كله تقطيره بالتصعيد، وربما فتلت فتيلة من صوف وجعل منها فى أحد الإناءين وهو المملوء طرف وترك طرفها الآخر في الإناء الخالي، فقطر الماء الخاليّ وكان ضرباً جيداً من الترويق، وخصوصاً إذا كرر، وكذلك إذا طبخ الماء المر والردي‌ء وطرح فيه وهو يغلي طين حر وكباب صوف، ثم تؤخذ وتعصر، فإنها تعصر عن ماء خير من الأوَّل، وكذلك محض الماء وقد جعل فيه طين حر لا كيفية رديئة له، وخصوصاً المحترق في الشمس، ثم يصقيه وهو مما يكسر فساده. وشرب الماء مع الشراب أيضاً مما يدفع فساده إذا كان فساده من جنس قلة النفوذ، وأيضاً فإن الماء إذا قل ولم يوجد، فيجب أن يشرب ممزوجاً بالخل وخصوصاً في الصيف، فإن ذلك يغني عن الاستكثار. والماء المالح يجب أن يشرب بالخل أو السكنجبين، ويجب أن يلقي فيه الخرنوب وحب الآس والزعرور. الماء الشبي العفص يجب أن يشرب عليه كل ما يلين الطبيعة. والشراب أيضاً مما ينفع شربه عليه، والماء المر يستعمل عليه الدسومات والحلاوات ويمزج بالجلاب. وشرب ماء الحمص قبله وقبل ما يشبهه مما يدفع ضرره، وكذلك أكل الحمص والماء القائم الآجامي الذدي يصحبه عفونة، فيجب أن لا يطعم فيه الأغذية الحارة، وأن يستعمل القوابض من الفواكه الباردة والبقول مثل السفرجل والتفاح والريباس. والمياه الغليظة الكدرة يتناول عليها الثوم، ومما يصفيها الشب اليماني، ومما يدفع فساد المياه المختلفة البصل، فإنه ترياق لذلك، وخصوصاً البصل بالخل والثوم أيضاً. ومن الأشياء الباردة الخس، ومن التدبير الجيد لمن ينتقل في المياه المختلفة أن يستصحب من ماء بلده، فيمزج به الماء الذي يليه، ويأخذ من ماء كل منزل للمنزل الذي يليه فيمزجه بمائه، وكذلك يفعل حتى يبلغ مقصده. وكذلك إن استصحب طين بلده وخلطه بكل ما يطرأ عليه وخضخضه فيه، ثم تركه حتى يصفو. ويجب أن يشرب الماء من وراء فدام لئلّا يجرع العلق بالغلط ولا يزدرد البشم من الأخلاط الرديئة. واستصحاب الربوب الحامضة لتمج بكل ماء من المختلفة تدبير جيّد.

الفصل الثامن فى تدبير راكب البحر.

قد يعرض لراكب البحر أن يدور ويدار به، وأن يهيج به الغثيان والقي‌ء، وذلك في أوائل الأيام، ثم يهدأ فيسكن ويجب أن يلح على غثيانه وقيئه بالحبس بل يترك حتى يقي‌ء، فإن أفرط فيه حبس حينئذ. وأما الاستعداد لئلا يعرض له القي‌ء فليس به بأس وذلك بأن يتناول من الفواكه مثل السفرجل والتفاح والرمّان، وإذا شرب بزر الكرفسر منع الغثيان أن يهيج به وسكنه إذا هاج. والأفستين أيضاً كذلك، ومما يمنعه أن يغتذي بالحموضات المقوية لفم المعدة المانعة من ارتفاع البخار إلى الرأس، وذلك كالعدس بالخل وبالحصرم وقليل فودنج أو حاشا، أو الخبز المبرد في شراب ريحاني، أو ماء بارد، وقد يقع فيه حاشا، ويجب أن يمسح داخل الأنفس بالاسفيداج.

الفن الرابع فى تصنيف وجوه المعالجات بحسب الأمراض الكلية و يشتمل على ثلاثين فصلًا.

الفصل الأول كلام كلي في العلاج‌

نقول: إن أمر العلاج يتم من أشياء ثلاثة: أحدها التدبير والتغذية، والآخر استعمال الأدوية، والثالث استعمال أعمال اليد. ونعني بالتدبير: التصرف في الأسباب الضرورية المعدودة التي هي جارية في العادة، والغذاء من جملتها. وأحكام التدبير من جهة كيفيتها مناسبة لأحكام الأدوية، لكن للغذاء من جملتها أحكام تخصه في باب الكمية لأن الغذاء قد يمنع، وقد يقلل، وقد يعدل، وقد يزاد فيه.

وإنما يمنع الغذاء عند إرادة الطبيب شغل الطبيعة بنضج الأخلاط، وأنما يقلل إذا كان مع ذلك له غرض حفظ القوة فيما يغذو، ويراعي جنبة القوة وبما ينقص يراعي جنبة المادة لئلا تشتغل عنها الطبيعة بهضم الغذاء الكثير، ويراعي دائماً أهمهما، وهو القوة إن كانت ضعيفة جداً، والمرض إن كان قوياً جداً، والغاء يقلل من جهتين: إحداهما من جهة الكمية، والآخرى من جهة الكيفية، ولك أن تجعل اجتماع الجهتين قسماً ثالثاً.

والفرق بين جهتي الكمية والكيفة أنه قد يكون غذاء كثير الكمية قليل التغذية مثل البقول والفواكه، فإن المستكثر منهما مستكثر من كمية الغذاء دون كيفيته، وقد يكون غذاء قليل الكمية كثير التغذية مثل البيض، ومثل خصي الديوك، ونحن ربما احتجنا إلى أن نقلل الكيفية ونكثر الكمية، وذلك إذا كانت الشهوة غالبة وكان في العروق أخلاط نيئة، فأردنا أن نسكن الشهوة بمل‌ء المعدة وأن نمنع العروق مادة كثيرة لينضج أولًا ما فيها ولأغراض أخرى غير ذلك. وربما احتجنا أن نكثر الكيفية ونقلل الكمية، وذلك إذا أردنا أن نقوي القوة، وكانت الطبيعة الموكلة بالمعدة تضعف عن أن تزاول هضم شي‌ء كثير. وأكثر ما يتكلّف تقليل الغذاء ومنعه إذا كنا نعالج الأمراض الحادة. وأما في الأمراض المزمنة، فإنا قد نقلل أيضاً ولكن ثقيلًا أقل من تقليلنا مما في الأمراض الحادة، لأن عنايتنا بالقوة في الأمراض المزمنة أكثر، لأنا نعلم أن بحرانها بعيد ومنتهاها بعيد، فإذا لم تحفظ القوة لم تف بالثبات إلى وقت البحران، ولم تف بنضج ما تطول مدة إنضاجه.

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست