responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 125

الرداءة، كما أن مثل ماء البطائح قد يعفن فيستحيل جوهره إليها، وأكثر ما يعرض الوباء وعفونة الهواء هو اخر الصيف والخريف، وسنذكر العوارض العارضة من الوباء في موضع آخر. وأما الذي في كيفياته فهو أن يخرج في الحرّ أو البرد إلى كيفية غير محتملة حتى يفسد له الزرع والنسل، وذلك إما باستحالة مجانسة كمعمعة القيظ إذا فسد، أو استحالة مضادة كزمهرة البرد في الصيف لعرض عارض. والهواء إذا تغيّر عرضت منه عوارض في الأبدان فإنه إذا تعفن عفن الأخلاط وابتدأ بتعفين الخلط المحصور في القلب لأنه أقرب إليه وصولًا منه إلى غيره. وإن سخن شديداً أرخى المفاصل وحلل الرطوبات فزاد في العطش وحلل الروح، فأسقط القوى ومنع الهضم بتحليل الحار الغريزي المستبطن الذي هو آلة للطبيعة وصفر اللون بتحليله الأخلاط الدموية المحمرة اللون وتغليبه المرة على سائر الأخلاط، وسخن القلب سخونة غير غريزية وسيل الأخلاط وعفنها وميلها إلى التجاويف وإلى الأعضاء الضعيفة وليس بصالح للأبدان المحمودة، بل ربما نفع المستسقين والمفلوجين وأصحاب الكزاز البارد والنزلة الباردة والتشنج الرطب واللقوة الرطبة.

وأما الهواء البارد، فإنه يحصر الحار الغريزي داخلًا ما لم يفرط إفراطاً يتوغّل به إلى الباطن، فإنّ ذلك مميت والهواء البارد الغير المفرط يمنع سيلان المواد ويحبسها، لكنه يحدث النزلة ويضعف العصب ويضر بقصبة الرئة ضرراً شديداً، وإذا لم يفرط شديداً قوى الهضم وقوى الأفعال الباطنة كلها وأثار الشهوة، وبالجملة فإنه أوفق للأصحاء من الهواء المفرط الحر. ومضاره هي من جهة الأفعال المتعلقة بالعصب وبسده المسام وبعصره حشو وخلل العظام. والهواء الرطب صالح موافق للأمزجة أكثرها ويحسن اللون والجلد ويلينه ويبقي المسام منفتحة إلا أنه يهيى‌ء للعفونة واليابس بالضد.

الفصل العاشر موجبات الرياح‌

قد ذكرنا أحوال الرياح في باب تغيرات الهواء ذكراً ما، إلا أنا نريد أن نورد فيها قولًا جامعاً على ترتيب آخر ونبدأ بالشمال.

في الرياح الشمالية.

الشمال تقوي وتشد وتمنع السيلانات الظاهرة وتسد المسام وتقوي الهضم وتعقل البطن وتدرّ البول وتصحح الهواء العفن الوبائي، وإذا تقدم الجنوب الشمال فتلاه الشمال حدث من الجنوب إسالة، ومن الشمال عصر إلى الباطن وربما أقى إلى انفتاح إلى خارج، ولذلك يكثر حينئذ سيلان المواد من الرأس وعلل الصدر والأمراض الشمالية وأوجاع العصب، ومنها المثانة والرحم وعسر البول والسعال وأوجاع الأضلاع والجنب والصدر والاقشعرار.

في الرياح الجنوبية.

الجنوب مرخية للقوة مفتحة للمسام مثوّرة للاخلاط محرّكة لها إلى خارج مثقلة للحواس،

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست