اسم الکتاب : شرح عيون الحكمة المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 46
المقدمة الرابعة فى بيان ان الحال فى لزوم كل علم عما قبله، وجب ان
يكون كذلك
و الأمر فيه ظاهر. لأن الكسبى الثاني، بالنسبة الى الكسبى الأول،
كالكسبى الأول بالنسبة الى البديهيات. و حينئذ يجرى ذلك الدليل فيها أيضا.
المقدمة الخامسة فى أنه متى كان الأمر كذلك، لم يكن فى المنطق
منفعة
و تقريره: أن المنطق- كما قيل- آلة صناعية، يصون الانسان بها فكره عن
الغلط. و ذلك انما يعقل فى الأمور التي تكون بفعله و اختياره.
فاذا كانت العوم بأسرها خارجة عن الاختيار، لم يكن فى المنطق فائدة.
***
الجواب عن الأول و الثاني: انا لا نقول: أن تحصيل المعارف الكسبية
مشروط بتعلم المنطق. بل نقول: تعلم المنطق يسهل ذلك و يكمله.
و تقريره: أن نقول: الناس اما واجدون لهذه المعارف أو فاقدون لها.
أما الأول. و هم الواجدون لها. فقسمان: قسم وجدوها على أقصى الوجوه
بمقتضى أصل الفطرة النيرة الكاملة المبرأة عن النقصان. و قسم آخر وجد بعض المعارف،
لكن تدنست فطرته الأصلية بما طرأ عليها من عوارض الوهم و نوازغ الخيال. و الأول هو
القدوة لنفسه و لغيره. و الثاني محتاج الى الأول حتى يقابل غريزته بغريزته، مقابلة
النسخة بالأم، فيصلحها به. و أما الفاقدون فقسمان: قائل و غير قائل. و القائل هو
الفاقد الذي يمكنه تحصيل ذلك المفقود، و غير القائل هو الذي لم يحصل له هذا القبول
البتة.
اسم الکتاب : شرح عيون الحكمة المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 46