اسم الکتاب : شرح عيون الحكمة المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 145
كان اللفظ الدال على كمية الحكم مذكورا؟ قلنا: ذلك الارتباط معنى
زائد على ذات الموضوع و المحمول. و تلك الجهة أيضا مفهوم زائد على الارتباط. فأما
هاهنا فالسور ليس أمرا زائدا على ذات الموضوع.
فان قلنا: كل ج ب. فالموضوع فيه: هو كل واحد واحد من الجيمات، فالسور
ليس أمرا مغايرا لذات الموضوع فظهر الفرق.
المسألة الثالثة و العشرون:
الترتيب الصحيح: أن يكون الموضوع مقدما فى اللفظ و يكون المحمول
مذكورا عقيبه. لأن الموضوع هو الذات القائمة بالنفس، و المحمول حكم من أحكامها و
حالة من أحوالها. و الغنى مقدم على المحتاج، فوجب تقديم الموضوع على المحمول فى
اللفظ كقولنا:
اللّه معبودنا و محمد نبينا. أما لو عكسنا فانه يفيد فى العرف حصر
ذلك الموضوع. كقولنا: معبودنا اللّه، و نبينا محمد. و أما اللفظ الرابط:
فقالوا: مكانه الطبيعى أن يكون متوسطا بين الموضوع و المحمول. فيقال:
زيد هو قائم. لأن هذا الارتباط نسبة بينهما. فاللفظ الدال عليه يجب
أن يكون متوسطا بين اللفظين الدالين على الموضوع و المحمول. و أما الجهة فالمستعمل
فى لغة العرب أن تكون مقدمة على اللفظ الرابط. فيقال: زيد يجب أن يكون كاتبا.
هذا هو الكلام فى الموجبات.
أما السوالب. فالقضية ان كانت خالية عن الجهة، وجب أن يكون حرف السلب
مقدما على اللفظ الرابط. فيقال: زيد ليس هو بقائم فان ذكر اللفظ الرابط صارت
القضية موجبة معدولة كما بيناه، و ان كانت موجهة وجب تقديم حرف السلب على الجهة.
فاذا قلت: يجب أن يكون كذا، كان نقيضه بأن تقول: ليس يجب أن يكون كذا. أما لو تأخر
حرف السلب عن الجهة، لم يكن ذلك مناقضا له، بل ان كان ذلك فى مادة الامكان، اجتمعا
على الصدق. كقولنا: يمكن أن يكون، و يمكن أن لا يكون. و ان كان فى مادة الوجوب
أمكن اجتماعهما على الكذب. كقولنا:
يجب أن يكون، يجب أن لا يكون.
اسم الکتاب : شرح عيون الحكمة المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 145