اسم الکتاب : رسائل ابن سينا المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 306
الاعداد البدنية و الاركان الحسية و انما يجرى مجرى الخواطر الصافية
و النفوس الباقية و ربما كان الرسول عليه السلام يشتغل بهذا الادراك الحقيقى
فمنعته هذه الحالة عن النظام العددى فربما قصرت صلاته و ربما طالت و المعوّل فى
العقل على هذه الصلاة و استند العقل فيما قلت بقوله عليه السلام (المصلى يناجى
ربه) و لا يخفى على العاقل أن مناجاة الرب لا تكون بالاعضاء الجسمانية و لا
بالألسن الحسية لان هذه المكالمة و المناجاة تصلح مع من يحويه مكان و يطرأ عليه
زمان* أما الواحد المنزه الذي لا يحيط به مكان و لا يدركه زمان و لا يشار اليه
بجهة من الجهات و لا يختلف حكمه فى صفة من الصفات و لا تتغير ذاته فى وقت من
الاوقات فكيف يعاينه الانسان المشكل المجسم المحدود المتجه المتمكن بحسه و قواه و
جسمه و كيف يناجى من لا يعرف حدود جهاته و لا يرى جناب سموت و جناته* فان الوجود
المطلق الحق فى عالم المحسوسات غائب غير مرئى للحس و لا متمكن و من عادة الجسم أن
لا يناجى و لا يجالس الا مع من يراه و يشير اليه و من لم ينظر اليه بعده غائبا
بعيدا و المناجاة مع الغائب محال* و من الضرورى ان واجب الوجود غائب بعيد عن هذه
الأجسام لان هذه الاجسام قابلة للتغيرات العرضية و الأعراض البدنية و تحتاج الى
المكان و الحافظ و بثقلها و كثافتها تسكن على وجه الارض المظلمة (و الجواهر)
المفردة المنزهة التي لا يدركها زمان و لا توضع فى موضع من المكان تفر من هذه
الاجسام بعداوة التضاد غاية الفرار* و واجب الوجود أعلى من جميع
اسم الکتاب : رسائل ابن سينا المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 306