اسم الکتاب : رسائل ابن سينا المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 253
الوجود هو الباطل المطلق و ممكن الوجود هو باعتبار نفسه باطل و
بالنظر الى موجبه واجب و بالنظر الى رفع سببه ممتنع فيمتنع و يعدم فيكون بالالتفات
الى السبب و عدم السبب ممكنا- و اذا قيل انه جواد فمعناه انه يفيد الوجود من غير
عوض و لا غرض من المدح و التخلص من الذم و لا يقصد به نفع الغير- و اذا قيل ملك
فهو المستغنى الذي يستغنى عن كل شيء و لا يستغنى عنه شيء فى شيء فان الاستغناء
يعتبر فيه ثلاثة امور لا توجد فى غيره اصلا- الأول انه لا تتوقف ذاته على الغير-
الثاني انه لا تتوقف صفاته العرية عن الاضافة الى الغير- الثالث ان لا تتوقف على
الغير صفاته التي تعرض لها الاضافات لان ذاته مبدء للمضافين فهى اذا متقدمة عليهم
و اذا كانت متقدمة عليهم لم تكن حينئذ فقيرة الى ما به استغنى فاذا غناه لذاته و
ليس لغيره عنه غنى- و اذا قيل اول فهو باعتبار ذاته هو الذي لا تركيب فيه و انه
منزه عن العلل و باضافته الى الموجودات هو الذي يصدر عنه الأشياء- و على الجملة هو
الذي يكون و لا يكون شيء البتة و لم يكن الآخر و قد كان قلبه فهو ذلك الشيء اولا
و بعد كونه آخرا فاذا كل كمال و جمال و وجود يكون لغير الحق فهو للحق الأول اولا و
مستفاد منه و لا يكون لما عداه- و اذا قيل آخر فهو الذي يرجع اليه الموجودات فى سلسلتى
الترقى و التنزل و فى سلوك السالكين و هكذا تطلق عليه جميع الصفات بشرط ان لا
تتكثر ذاته و لا تنخرم وحدته و لا تتطرق اليه علة من العلل فاذا ثبت انه واجب
الوجود و انه واحد و انه لا علة له و انه تام الوجود و لا يفوت منه كمال- فاذا
عرفت هذا فتعلم ان جميع ما سواه هو فعله و انه صدر عنه لذاته و انه لا يشترط ان
يسبقه عدم و زمان لان الزمان تابع للحركات و هو من فعلها نعم يشترط سبق العدم
الذاتى لان كل شيء هالك و منعدم فى نفسه و انما وجوده منه تعالى و الذي لذاته
يكون سابقا على ما يستفيد من غيره فاذا كل شيء سوى البارى تعالى يسبقه العدم
اسم الکتاب : رسائل ابن سينا المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 253