اسم الکتاب : رسائل ابن سينا المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 224
و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم (اوتيت جوامع الكلم) و ما اجتمعت
الامة عليه من انه صلى اللّه عليه و آله و سلم قد اوتى علوم الاولين و الآخرين مع
ما اشتهر من يأمره انه الرسول الامى و دل عليه قوله تعالى (و كذلك اوحينا اليك
روحا من امرنا ما كنت تدرى ما الكتاب و لا الايمان) و فى مثل هذه النفس قال اللّه
تعالى (يكاد زيتها يضئ و لو لم تمسسه نار) و كأن مثال هذه النفس كبريت و العقل
الفعال نار فيشتعل فيها دفعة واحدة و يحيلها الى جوهره- و صنف يتعلق بفضيلة تخيل
القوى و ذلك ان يؤتى المستعد لذلك ما يقوى على تخيلات الامور الحاضرة و الماضية و
الاطلاع على مغيبات الامور المستقبلة فيلقى اليه كثير من الامور التي تقدم وقوعها
بزمان طويل فيخبر عنها و كثير من الامور التي تكون فى الزمان المستقبل فينذر بها-
و بالجملة يحدث عن الغيب فينتصب بشيرا و نذيرا و خاصيته الانذار بالكائنات و
الدلالة على المغيبات على ما دل عليه قوله تعالى (تلك من انباء الغيب نوحيها اليك)
و قوله عز و جل (رسلا قد قصصناهم عليك من قبل و رسلا لم نقصصهم) و قوله تعالى (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ
بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ)
و اخباره صلى اللّه عليه و آله و سلم بموت النجاشى و قوله عليه السلام لرسول كسرى
(ان ربى قتل ربك البارحة) فكان كما قال الى غير ذلك مما نطق به القرآن العزيز و
اشتمل عليه الاحاديث الصحيحة و شهدت بصحته الآثار و الاخبار و قد يكون هذا المعنى
لكثير من الناس فى النوم و يسمى الرؤيا- و اما الانبياء عليهم السلام فانما تكون
لهم فى حالتى النوم و اليقظة معا فهذان الصنفان يتعلقان بالقوة المدركة من النفس
الانسانية و هما داخلان تحت تأثير النفسانى فى النفسانى- قالت الحكماء و بهذين
الصنفين من المعجزات يتعلق اعجاز القرآن و ذلك لما يتضمنه مع الفصاحة و البلاغة و
الشأن العجيب و النظم البديع الغريب من الدلالة على العلوم العقلية المتعلقة
بمعرفة اللّه تعالى و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر
اسم الکتاب : رسائل ابن سينا المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 224