الفصل السابع من المقالة الثالثة في أن الكيفيات أعراض
فلنتكلم الآن فى الكيفيات. أما الكيفيات المحسوسة الجسمانية فلا يقع
شك فى وجودها، و قد تكلمنا أيضا فى وجودها فى مواضع أخر، و نقضنا مشاغبات من تمارى
فى ذلك.
لكنه أنما يقع الشك فى أمرها، أنها هل هى أعراض أو ليست بأعراض.
فإن من الناس من يرى أن تلك جواهر تخالط الأجسام و تسرى فيها، فاللون
بذاته جوهر، و الحرارة كذلك، و كل واحد من هذه الأخر، فهى عنده بهذه المنزلة. و
ليس يقنعه أن هذه الأشياء توجد تارة و تعدم تارة، و الشىء المشار إليه قائم
موجود. فإنهم يقولون: إنه ليس يعدم ذلك، بل يأخذ يفارق قليلا قليلا، مثل الماء
الذى يبلّ به ثوب، فإنه بعد ساعة لا يوجد هناك ماء، و يكون الثوب موجودا بحاله، و
لا يصير الماء بذلك عرضا، بل الماء جوهر له أن يفارق جوهرا آخر لاقاه فر بما فارق
مفارقة لا يحس فيها بالأجزاء المفارقة منه، لأنها فارقت و هى أصغر مما يدركه الحس
مفارقة مفترقة؛ و يقول بعضهم: إنها قد تكمن.
فبالحرى أن نبيّن أن ما يقولونه باطل، فنقول: لا يخلو إن كانت هذه