اسم الکتاب : الشفاء - الإلهيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 0 صفحة : 5
(ب) نقله إلى اللغة العربية
إن كتاب «الميتافزيقى» لأرسطو أثر خالد، وضع فى أثينا، ثم تدارسه
ورثة الثقافة اليونانية من البيزنطيين، و الاسكندريين، و العرب، و مسيحى الشرق من
نساطرة و يعاقبة، و مسيحى الغرب، و استمرت دراسته إلى اليوم. و قد نقل قديما إلى
لغات عدة، كاللاتينية و السريانية و العربية و العبرية. و كان طبيعيا أن يعنى
المسلمون بترجمته، لأن موضوعه يتصل اتصالا وثيقا بدراساتهم الكلامية، فضلا عن
عنايتهم بترجمة مؤلفات أرسطو جميعها.
و تضافر على تعريبه عدد غير قليل من المترجمين الممتازين كإسحاق بن
حنين، أو المتوسطين كاسطاث [1]، نقلوه عن السريانية أحيانا و عن اليونانية أحيانا أخرى، و على
النحو الذي وصلهم به. و نحن نعلم أنه ينقسم إلى أربع عشرة مقالة مرتبة على حسب
حروف الهجاء اليونانية كما يلى:( A ,a ,B ,i ,A ,E ,Z ,H ,O
.I ,K ,A ,M ,N ,)،
و يظهر أن العرب لم يصلهم من ذلك إلا اثنتا عشرة مقالة، فغابت عنهمM ,N
، و إن كان ابن النديم يشير إلى أن الأخيرة قد توجد باليونانية بتفسير الاسكندر [2]، إلا أن الفارابى و ابن رشد يهملانهما
معا [3].
هذا إلى أنهم عكسوا الترتيب المألوف، فقدّموا الألف الصغرى على الألف
الكبرى و خلطوا بينهما نوعا، و ما علّق عليه ابن رشد من الألف الكبرى ليس إلا
النصف الأخير من الأصل اليونانى [4].
و لم يقفوا عند ترجمة الكتاب وحده، بل جدّوا فى البحث عن شروحه،
لأنهم أدركوا ما فيه من غموض و تعقيد، و لم يجدوا منها إلّا شرحين لمقالة اللام،
أحدهما تام لثامسطيوس، و الآخر ناقص للاسكندر الأفروديسى
[5]، و كم يأسف الفارابى لأن شرح الأخير لكتاب
[1] القفطى، تاريخ الحكماء، ليبسيك 1320 ه، ص 41- 42.