اسم الکتاب : الشفاء - الإلهيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 0 صفحة : 19
لأنه «أيس» بعد «ليس» مطلق [1]. و قد يطلق الإبداع على معان أخرى، و أوضحها الخلق ابتداء من غير
مادة سابقة، و أسمى صوره ما لم يكن بعلة متوسطة، و إنما يصدر عن العلة الأولى
مباشرة [2]. و هنا تظهر ناحية يتميز بها ابن سينا،
و هى حرصه على دقة المصطلحات الفلسفية، فيحدد معنى الإبداع، و يلجأ إلى لفظين
جديدين يحرص عليهما و يعتز بهما، و يستعملهما للدلالة على الوجود و العدم، و هما
«الأيس و الليس». و قد استلفتا نظر الخليل بن أحمد اللغوى المشهور من قبل، و هو ذو
نزعة فلسفية معروفة [3].
و تعتبر العلل الأربعة مبادئ للعلوم عامة، و إن لم تتوفر فيها بنسبة
واحدة. فهى على اختلافها من أسس العلم الطبيعى، و العلل المادية و الصورية دعامة
العلم الرياضى، و على الفاعلية و الغائية يقوم العلم الإلهى
[4].
7- المبدأ الأول:
سبق لنا أن أشرنا إلى أن العلل متناهية، تنتهى عند علة أولى هى علة
العلل و مبدأ الكل، و ليست معلولة لشىء آخر. و تسمى العلة التامة، لأن جميع
الأشياء توجد من أجلها، و هى لا توجد من أجل شىء
[5]. فالمبدأ الأول واجب الوجود بذاته، و ما عداه ممكن يستمد الوجود
منه، هو مبدأ لأنه يصدر عنه كل شىء، و أول لأنه سابق أزلا على كل وجود [6]. و هو تام الوجود، لأنه واجب الوجود
بذاته، و لذاته، و كل وجود فائض من وجوده [7].