اسم الکتاب : الشفاء - الإلهيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 0 صفحة : 13
بجوهر يكون تارة مفردا، و أخرى صورة مجردة. و قد شاء ابن سينا أن
يخرج من هذا المأزق بالتعويل على قسمة الجواهر إلى جسمية و مفارقة، و طبيعة كل من
النوعين تختلف عن الأخرى تمام الاختلاف، و ليس بينها من جامع إلا أن كلا منهما
يقوم بنفسه، و هذا جامع منطقى أكثر منه ميتافزيقى. و الجواهر المفارقة التي يعتد
بها ابن سينا الاعتداد كله تقرّبه من الأفلاطونية بقدر ما تبعده عن الأرسطية.
4- المادة و الصورة:
يتكون كل جوهر جسمى من مادة و صورة، و لا يمكن أن توجد إحداهما
بالفعل بمعزل عن الأخرى [1].
ذلك لأن الوجود ثمرة تلاقيهما، و ما المادة إلا استعداد و تهيؤ للقبول و وجود
بالقوة، و الصورة تحصيل و تحقيق بالفعل [2]. و إذن لا وجود للمادة الجسمية إلا بوجود الصورة، و لا وجود للصورة
الجسمية إلا بوجود المادة [3]. فهما متلازمتان، و توهم مادة جسمية بمعزل عن الصورة خروج بها من
عالم الوجود الفعلى [4].
و مع هذا ليست المادة و الصورة من مقولة المضاف بحيث لا يعقل أحدهما
إلا بالقياس إلى الآخر، إذ أنا نعقل كثيرا من الصور الجسمية، و يعز علينا أن نثبت
لها مادة [5].
غير أن الصور ليست كلها جسمية، فهناك صور مفارقة للمادة لا تتصل بها
مطلقا [6].
و الصورة المادية نفسها أقدم من وجود المادة الجسمية، يمنحها «واهب
الصور»، فيتم الوجود [7].
و لا يسترسل ابن سينا فى هذا هنا، ملاحظا أنه سيعرض له على شكل أظهر فى مواضع
أخرى [8].