اسم الکتاب : إلهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 328
من أنّ الحكماء المحقّقين ذهبوا إلى أنّه- تعالى- مؤثّر قريب في
الجميع، و أنّه لا يفيض الوجود إلّا منه، و البواقي بمنزلة الآلات/ 59MB / و
الشرائط و سنبيّن هناك إن شاء اللّه أنّ كلامه مبنيّ على هذا المذهب، و صار الكلام
حينئذ أنّ المراد من «العلّة بالذات»: الفاعل القريب سواء كان هناك آلة و شرط أم
لا. و لفظة «بالذات» إذا استعمل مقابل «بالعرض» يراد مثل هذا المعنى، و الواجب
فاعل قريب للجميع. و أمّا الدواء فلا نسلّم أنّه فاعل لإحداث الكيفية الملائمة من
حيث أنّها ملائمة و ينبغي للمزاج، بل إنّه فاعل لنفس تلك الكيفية. و أمّا فاعل تلك
الحالة فلعلّه هو الطبيب الحاذق؛ بل الواجب- تعالى- هذا و يرد على تقريره: أنّه
يدلّ على أنّ العلّة البعيدة للشيء يفيده حقيقة لا بالعرض حيث قال: «و إن كان
المراد أنّه يفيد بالحقيقة لا بالعرض سواء كانت بلا واسطة أو بواسطة فاختلال
الأعضاء حيث جعل علّة العلّة علّة بالحقيقة، فإنّ اختلال الأعضاء موجب للانطفاء و
الانطفاء موجب للموت، فاختلال الأعضاء موجب للموت. و ذلك ظاهر البطلان؛ لأنّ أثر
العلّة البعيدة لا يصل إلى المعلول على ما هو المشهور.
[6/ 2- 148/ 3] قال الشارح: كما أنّه من عرف البارد بأنّه شيء
يصدر عنه ...
السرّ في ذلك أنّ المشتقّات ينقسم إلى ما بالذات و ما بالعرض باعتبار
موضوعاتها.
مثلا المتحرّك بالذات ما يكون موضوعا للحركة لذاته اي: حقيقة لا
بالعرض، لأنّ الحركة وصف لمجاوره، و المتحرّك بالعرض ما يكون له علاقة بما هو
موضوع حقيقي للحركة، فالمبادي مع قطع النظر عن انتسابها إلى موضوعاتها لا يتّصف
بكونها بالذات أو بالعرض.
و الحاصل: إنّ الموجود من الحركة في صورة تحرّك السفينة ليس إلّا
شخصا قائما بالسفينة؛ إلّا أنّه إن نسبت إلى السفينة كانت بالذات بمعنى أنّ
السفينة لذاتها/ 60MA / متّصفة بها، و إن نسبت إلى الجالس فيها كانت
بالعرض بمعنى أنّ جالسها متحرّك بالعرض.
و لم تتحقّق حركة أخرى قائمة بالجالس تسمّى حركة بالعرض، بل إنّما يتحقّق
له أمر اعتباري من جهة هذا أي: كونه بحيث سفينته تحرّكت.
و يظهر عند هذا و ما ذكره من النظير أنّه حمل «إفادة ما ينبغي» في
كلام الشيخ على
اسم الکتاب : إلهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 328