اسم الکتاب : الإشارات و التنبيهات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 5
و يفتقر في تصور المثلث مثلثا إلى أن يمتنع عن سلب المخلوقية عنه من
حيث يتصور مجسما و يفتقر في تصور المثلث مثلثا إلى أن يمتنع عن سلب الشكلية عنه. و
إن كان هذا فرقا غير عام، بل قد يكون بعض اللوازم الغير المقومة، بهذه الصفة. على
ما سيتلى عليك و لكنه في هذا الموضع فرق.
[العاشر] إشارة [إلى الذاتي المقوم]
اعلم أن كل شيء له ماهية، فإنه إنما يتحقق موجودا في الأعيان أو
متصورا في الأذهان، بأن يكون أجزاؤه حاضرة معه و إذا كانت له حقيقة غير كونه
موجودا بأحد الوجودين، غير مقوم به فالوجود معنى مضاف إلى حقيقتها لازم أو غير
لازم و أسباب وجوده أيضا غير أسباب ماهيته مثل الإنسانية، فإنها في نفسها حقيقة ما
و ماهيته ليس أنها موجودة في الأعيان أو موجودة في الأذهان مقوما لها بل مضافا
إليها، و لو كان مقوما لها لاستحال أن يتمثل معناها في النفس خاليا عما هو جزؤها
المقوم فاستحال أن يحصل لمفهوم الإنسانية في النفس وجود. و يقع الشك في أنها هل
لها في الأعيان وجود أم لا. أما الإنسان فعسى أن لا يقع في وجوده شك لا بسبب
مفهومه بل بسبب الإحساس بجزئياته. و لك أن تجد مثالا لغرضنا في معان أخر.
فجميع مقومات الماهية داخلة مع الماهية في التصور، و إن لم يخطر
بالبال مفصلة.
كما لا يخطر كثير من المعلومات بالبال لكنها إذا أخطرت بالبال تمثلت.
فالذاتيات للشيء بحسب عرف هذا الموضع من المنطق هي هذه المقومات و
لأن الطبيعة الأصلية التي لا تختلف فيها إلا بالعدد، مثل الإنسانية فإنها مقومة
لشخص شخص تحتها و يفضل عليها الشخص بخواص له فهي أيضا ذاتية
[الحادي عشر] إشارة [إلى العرضي اللازم الغير المقوم]
و أما اللازم الغير المقوم، و يخص باسم اللازم، و إن كان المقوم أيضا
لازما، فهو الذي يصحب الماهية و لا يكون جزءا منها.
مثل كون المثلث مساوي الزوايا لقائمتين و هذا و أمثاله من لواحق يلحق
المثلث عند المقايسات، لحوقا واجبا و لكن بعد ما يقوم المثلث بأضلاعه الثلاثة و لو
كانت أمثال هذه مقومات، لكان المثلث و ما يجري مجراه يتركب من مقومات غير متناهية
اسم الکتاب : الإشارات و التنبيهات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 5