اسم الکتاب : مصباح الفقاهة - ت القيومي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 309
قوله (رحمه اللّه) : قصدهما لمدلول العقد(1).
قوله (رحمه اللّه) : بعدم تحقق القصد في عقد الفضولي والمكره(2).
-
قصد المتعاقدين اللفظ والمعنى
(1) الكلام في المسألة يقع من جهات : الاُولى : اعتبار قصد اللفظ والمعنى
وهذا هو المعروف ، فلابدّ أن يقصد كل من المتبايعين اللفظ بأن لا يكون
صدوره منه لسبق اللسان ونحوه ، كما أنه لابدّ من قصدهما المعنى وهو إبراز
اعتبار المبادلة بين المالين ، فاذا قصد اللفظ ولم يقصد المعنى كما في
الهازل أو من كان في مقام عدّ الصيغ فقال بعت ، فانه لا يتحقق به البيع .
وبعبارة اُخرى قد تقدم أنّ البيع متقوّم بأمرين الاعتبار النفساني وابرازه
خارجاً ، فلابدّ في تحققه من ثبوت كلا الأمرين ، فقصد اللفظ والمعنى من
مقوّمات البيع فلا يصح التعبير عنه بشرط العقد أو المتعاقدين فانّ الشرط
إنما يطلق على الأمر الخارج عن حقيقة المشروط .
(2) ذكر الشهيد في المسالك[1]
أنّهما قاصدان للفظ دون المعنى . ونقول أمّا المكره فهو بحسب الغالب قاصد
للمعنى كما أنه قاصد للفظ إلّاإذا كان ملتفتاً فيجري العقد بنحو التورية
ولا يقصد معناه ، فالاكراه غير مستلزم لعدم قصد المعنى ، كما أنّ الاكراه
على الاُمور الخارجية من الأكل والضرب ونحوهما لا يستلزم عدم قصد حقيقتها ،
فما يكون عقد المكره فاقداً له ليس إلّاطيب النفس ولذا ينفذ إذا لحقه ،
ولو لم يكن المكره قاصداً للمعنى فحقيقة البيع لا تكون متحققة فكيف ينفذ
بلحوق طيب النفس به الذي هو ممّا اتّفقت عليه آراء الخاصّة في قبال العامة[2].
[1] المسالك 3 : 156 . [2] الحنفية وافقوا الخاصّة بصحّته مع
الاجازة اللاحقة وهذه نصوصهم في كتبهم الفقهية قال الكاشاني الحنفي في
بدائع الصنائع ج7 ص186 كتاب الاكراه :
الاكراه يوجب فساد البيع لفقده الرضا ويزول الاكراه باجازته ورضاه . وقال
في ص188 إذا كان البائع والمشتري مكرهين جميعاً على البيع والشراء فلكل
منهما خيار الفسخ والاجازة لأنّ البيع فاسد في حقهما والثابت بالبيع الفاسد
ملك غير لازم ، فان أجازا جميعاً جاز وان أجاز أحدهما دون الآخر جاز في
جانبه وبقي الخيار في حقّ صاحبه . وفي المبسوط للسرخسي الحنفي ج24 ص93
كتاب الاكراه باب الاكراه على البيع : إذا أكرهه على بيع عبده الذي يساوي
عشرة آلاف درهم من هذا الرجل بألف درهم ففعل وقبض الثمن ولمّا تفرقوا من
المجلس قال البائع : أجزت البيع كان جائزاً ، لأن الاكراه لا يمنع انعقاد
أصل البيع فقد وجد ما به ينعقد البيع من الايجاب والقبول من أهله في محل
قابل له ، ولكن امتنع نفوذه لانعدام تمام الرضا بسبب الاكراه فاذا أجاز
البيع غير مكره فقد تم رضاه به ، فاذا أجاز بيعاً باشره غيره نفذ باجازته ،
فاذا أجاز بيعاً باشره هو بنفسه فهو أولى به ، انتهى . وحكى عن الحنفية في
الفقه على المذاهب الأربعة ج2 ص161 مثل ذلك .
نعم عند الحنابلة والمالكية والشافعية بطلان بيع المكره وعدم تأثير لحوق
الاجازة فيه ففي الفروع لابن مفلح الحنبلي 4 : 3 ونيل المآرب لعبدالقادر
الشيباني الحنبلي ج1 ص83 في البيع شرطه الرضا فلا يصح بيع المكره بغير
حقّ . وفي المدوّنة لمالك 3 : 209 باب العتق قال مالك : لا يجوز على
المستكره شيء من بيع وعتق ونكاح ووصية وصلح سواء أكرهه السلطان أو غيره .
وفي مختصر أبي الضياء في فقه مالك ج5 ص8 لا يلزم في الجبر على البيع
إجماعاً ولا على سببه على المذهب لقوله تعالى : «إِلّا أنْ تكُون
تِجارةً عنْ تراضٍ» وقوله (صلّى اللّه عليه وآله) : « لا يحلّ مال
امرئ مسلم إلّاعن طيب نفس » .
وفي المهذّب لأبي إسحاق الشيرازي الشافعي 3 : 10 والمنهاج للنووي ص94
وشرحه تحفة المحتاج لابن حجر 2 : 88 كتاب البيع لا يصح عقد المكره في ماله
بغير حق لعدم الرضا واستدلّ له في المهذّب بقوله (عليه السلام) : « إنّما
البيع عن تراضٍ » فدلّ على أنّه لا بيع عن غير تراضٍ .
وبذلك نقل فتواهم في الفقه على المذاهب الأربعة : 2 : 161 - 163 .
اسم الکتاب : مصباح الفقاهة - ت القيومي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 309