اسم الکتاب : الوراثة الإصطفائية لفاطمة الزهراء« عليها السلام» المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 94
فبيّن تعالى أنّ النبوّة والحكمة والإمامة قد تعاقبت في نسل إبراهيم عليه السلام، بسبب الوراثة من الرحم، فيمن هو صالح من الذرّية، سابق بالخيرات، مؤهّل لحمل الأمانة الإلهيّة.
وكما في قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[1].
فدعا إبراهيم ربّه بأن يبقي الإمامة وراثةً في ذرّيته، وقد استجاب له تعالى ذلك، فجعل الإمامة باقية في عقبه إلى يوم القيامة، حيث قال: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[2] كما نُبّه وأُشير إلى ذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام ذيل هذه الآيات.
فهذه جاءت إجابة للدعوة التي دعا بها إبراهيم وإسماعيل، المتطابقة مع الدعوة السابقة، حيث قالا: رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ... رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ[3] أي وابعث في هذه الذرّية والامّة المسلمة منها رسولًا من نفس هذه الذرّية.
وأشار اللَّه تبارك وتعالى إلى إجابة الدعوة بجعل الإمامة في عقبه ونسله، ونسل إسماعيل، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ[4].