المذاهب فيحتكروه لأنفسهم، و يمنعوا من الوصول إلى شيء منه عن طريق
غيرهم، حتى كأنّ الدين الاسلامي بكتابه و سنّته، و سائر بيّناته و أدلته من
أملاكهم الخاصة، و أنهم لم يبيحوا التصرّف به على غير رأيهم، فهل كانوا ورثة
الأنبياء، أم ختم اللّه بهم الأوصياء و الأئمة، و علمهم علم ما كان و علم ما بقي،
و آتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين؟ كلا، بل كانوا كغيرهم من أعلام العلم و رعاته
و سدنته و دعاته، و حاشا دعاة العلم أن يوصدوا بابه، أو يصدّوا عن سبيله، و ما
كانوا ليعتقلوا العقول و الأفهام و لا ليسملوا أنظار الأنام، و لا ليجعلوا على
القلوب أكنّة، و على الأسماع وقرا، و على الأبصار غشاوة، و على الأفواه كما مات، و
في الأيدي و الأعناق أغلالا و في الأرجل قيودا، لا ينسب ذلك إليهم إلّا من افترى
عليهم، و تلك أقوالهم تشهد بما نقول.
[5- يلمّ الشعث باحترام مذهب أهل البيت.]
5- هلمّ بنا إلى المهمة التي نبّهتنا إليها من لمّ شعث المسلمين، و الذي
أراه أن ذلك ليس موقوفا على عدول الشيعة عن مذهبهم، و لا على عدول السنة عن
مذهبهم، و تكليف الشيعة بذلك دون غيرهم ترجيح بلا مرجح، بل ترجيح للمرجوح، بل
تكليف بغير المقدور، كما يعلم ممّا قدّمناه.
نعم، يلمّ الشعث و ينتظم عقد الاجتماع بتحريركم مذهب أهل البيت، و
اعتباركم إيّاه كأحد مذاهبكم، حتى يكون نظر كل من الشافعية و الحنفية و المالكية و
الحنبلية إلى شيعة آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم كنظر بعضهم إلى بعض، و
بهذا يجتمع شمل المسلمين و ينتظم عقد اجتماعهم.
و الاختلاف بين مذاهب أهل السنة لا يقلّ عن الاختلاف بينها و بين
مذهب الشيعة[1]تشهد بذلك الألوف
المؤلفة في فروع الطائفتين و أصولهما،
[1]الاختلاف بين المذاهب الأربعة: راجع كتاب «لماذا اخترت مذهب أهل البيت» للشيخ محمد