و قد أراد الأشاعرة أن يبالغوا في الإيمان بالشرع و الاستسلام
لحكمه، فأنكروا حكم العقل، و قالوا: «لاحكم إلّا للشرع»، ذهولا منهم عن
القاعدة العقلية المطّردة- و هي كل ما حكم به العقل حكم به الشرع- و لم يلتفتوا
إلى أنهم قطعوا خط الرجعة بهذا الرأي على أنفسهم، فلا يقوم لهم بعده على ثبوت
الشرع دليل، لأن الاستدلال على ذلك بالأدلة الشرعية دوري لا تتم به حجة، و لو لا
سلطان العقل لكان الاحتجاج بالنقل مصادرة، بل لو لا العقل ما عبد اللّه عابد، و لا
عرفه من خلقه كلهم واحد، و تفصيل الكلام في هذا المقام موكول إلى مظانه من مؤلفات
علمائنا الأعلام.
[3- الصحاح المعارضة لدعوى أم المؤمنين.]
3- أما دعوى أمّ المؤمنين بأن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،
قضى و هو في صدرها فمعارضة، بصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة[2]و حسبك من طريق
غيرهم ما أخرجه ابن سعد[3]بالإسناد إلى علي، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم في مرضه: «ادعوالي أخي فأتيته، فقال: ادن مني، فدنوت
منه، فاستند إليّ فلم يزل مستندا إليّ، و أنه ليكلمني حتى أن بعض ريقه ليصيبني، ثم
نزل برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»[4]. و أخرج أبو نعيم في حليته، و أبو أحمد الفرضي في نسخته،
[2]تواترت الأحاديث من طريق أهل البيت أن النبي مات على صدر علي عليه
السّلام و أما من طريق غيرهم فراجع ما تقدم في المراجعة 74 ص 474 هامش 1.
[3]في ص 51 من القسم الثاني من الجزء الثاني من الطبقات، في باب من
قال: توفي رسول اللّه و هو في حجر علي، و هذا الحديث هو الحديث 1107 من الكنز في ص
55 من جزئه الرابع. (منه قدّس سرّه).
[4]راجع الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 2 ق 2 ص 51 ط ليدن، و ج 2 ص 263 ط
دار صادر، كنز العمال: