3- أما عدم إخراج تلك النصوص فإنما هو لشنشنة نعرفها لكل من أضمر لآل
محمد حسيكة، و أبطن لهم الغل من حزب الفراعنة في الصدر الأول، و عبدة أولي السلطة
و التغلب الذين بذلوا في إخفاء فضل أهل البيت؛ و إطفاء نورهم كل حول و كل طول، و
كل ما لديهم من قوة و جبروت، و حملوا الناس كافة على مصادرة مناقبهم و خصائصهم بكل
ترغيب و ترهيب، و أجلبوا على ذلك تارة بدراهمهم و دنانيرهم، و أخرى بوظائفهم و
مناصبهم، و مرة بسياطهم و سيوفهم، يدنون من كذّب بها، و يقصون من صدق بها، أو
ينفونه أو يقتلونه. و أنت تعلم أن نصوص الإمامة و عهود الخلافة لممّا يخشى
الظالمون منها أن تدمر عروشهم، و تنقض أساس ملكهم، فسلامتها منهم و من أوليائهم
المتزلفين إليهم، و وصولها إلينا بالأسانيد المتعددة، و الطرق المختلفة، آية من
آيات الصدق، و معجزة من معجزات الحق، إذ كان المستبدّون بحق أهل البيت، و
المستأثرون بمراتبهم التي رتبهم اللّه فيها، يسومون من يتهمونه بحبهم سوء العذاب،
يحلقون لحيته، و يطوفون به في الأسواق، ثم يرذلونه و يسقطونه و يحرمونه من كل حق، حتى
ييأس من عدل الولاة[1][2]، و يقنط من معاشرة الرعية، فإذا ذكر عليا ذاكر بخير برئت منه الذمة، و
حلت بساحته النقمة، فتستصفى أمواله، و تضرب
[1]راجع ص 15 من المجلد الثالث من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،
تجد بعض ما وقع من المحن لأهل البيت و شيعتهم في تلك الأيام، و للإمام الباقر ثمة
كلام في هذا الموضوع، ألفت إليه الباحثين.
(منه قدّس سرّه).
[2]اضطهاد أهل البيت و شيعتهم راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
ج 3 ص 15 ط 1 بمصر، و ج 11 ص 43 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، الغدير للأميني: ج
11 ص 16- 36.