و جلّ فصدع بالنص في ولاية علي، و قد سمعت شذرة من شذوره، و ما لم
تسمعه أصح و أصرح، على أن فيما سمعته كفاية، و قد حمله عن رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم كل من كان معه يومئذ من تلك الجماهير، و كانت تربو على مائة ألف
نسمة[1]من بلاد شتى،
فسنّة اللّه عزّ و جلّ التي لا تبديل لها في خلقه تقتضي تواتره مهما كانت هناك
موانع تمنع من نقله، على أن لأئمة أهل البيت طرقا تمثّل الحكمة في بثّه و إشاعته.
[4- عناية أمير المؤمنين.]
4- و حسبك منها ما قام به أمير المؤمنين أيام خلافته، إذ جمع الناس في
الرحبة فقال: «أنشداللّه كل امرئ مسلم سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
يقول يوم غدير خم ما قال إلّا قام فشهد بما سمع، و لا يقم إلّا من رآه بعينه و
سمعه باذنيه، فقام ثلاثون صحابيا فيهم اثنا عشر بدريا فشهدوا أنه أخذه بيده، فقال
للناس: «أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قالوا: نعم، قال صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «منكنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من
والاه و عاد من عاداه الحديث ...»[2].
و أنت تعلم أن تواطؤ الثلاثين صحابيا على الكذب مما يمنعه العقل،
فحصول التواتر بمجرد شهادتهم إذا قطعي لا ريب فيه، و قد حمل هذا الحديث عنهم كل من
كان في الرحبة من تلك الجموع، فبثّوه بعد تفرقهم في البلاد، فطار كل مطير، و لا
يخفى أن يوم الرحبة إنما كان في خلافة أمير المؤمنين، و قد بويع سنة خمس و ثلاثين،
و يوم الغدير إنما كان في حجة الوداع سنة عشر، فبين اليومين- في أقل الصور- خمس و
عشرون سنة، كان
[1]عدد من حضر خطبة النبي يوم غدير خم:
[100000] مائة ألف أو يزيدون.
تقدمت مصادر ذلك في هذه المراجعة ص 375 هامش 1، فراجع.
[2]يوجد في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر
الشافعي: ج 2 ص 7 ح 503 ط بيروت مع اختلاف يسير.