اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 65
طرفا التشبيه
طرفا التشبيه هما المشبه و المشبه به، و هما ركناه الأساسيان، و
بدونهما لا يكون تشبيه.
و لعل قدامة بين جعفر هو أول من بحث التشبيه بحثا أقرب إلى المنهاج
العلمي، فأساس التشبيه عنده أن يقع بين شيئين بينهما اشتراك في معان تعمّهما و
يوصفان بها، و افتراق في أشياء ينفرد كل واحد منهما بصفتها.
و هو يبني قوله هذا على أساس أن الشيء لا يشبّه بنفسه و لا بغيره من
كل الجهات، لأن الشيئين إذا تشابها من جميع الوجوه، و لم يقع بينهما تغاير البتة
اتّحدا، فصار الاثنان واحدا. و إذا كان الأمر كذلك، فأحسن التشبيه عنده هو ما وقع
بين الشيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما فيها، حتى يدنى بهما إلى حال
الاتحاد[1].
و قد تابع أبو هلال العسكري قدامة في رأيه القائل بأن الشيئين إذا
تشابها من جميع الوجوه، و لم يقع بينهما تغاير البتة اتحدا، فصار الاثنان واحدا، و
ذلك إذ يقول: «ويصح تشبيه الشيء بالشيء جملة، و
إن شابهه من وجه واحد، مثل قولك: وجهك مثل الشمس، و مثل البدر، و إن لم يكن مثلهما
في ضيائهما و لا عظمهما، و إنما شبّه بهما لمعنى يجمعهما و إياه و هو الحسن. و على
هذا قول اللّه عز و جلّ:وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ،إنما شبّه المراكب بالجبال من جهة
عظمها لا من جهة