اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 224
و لعل عبد القاهر الجرجاني خير من فصل في هذه القضية، فهو يقرر في
معرض الكلام عن التجنيس و السجع أنهما يختصان بالقبول و الحسن عند ما يكون المعنى
هو الذي يقود المتكلم نحوهما لا أن يقوداه إلى المعنى.
حتى أنه لو تركهما إلى خلافهما مما
لا تجنيس و لا سجع فيه لنسب إليه ما ينسب إلى المتكلف للتجنيس المستكره و السجع
النافر.
و في ذلك يقول: «و لن تجد أيمن
طائرا و أحسن أولا و آخرا، و أهدى إلى الإحسان، و أجلب إلى الاستحسان من أن ترسل
المعاني على سجيتها، و تدعها تطلب لأنفسها الألفاظ، فإنها إذا تركت و ما تريد لم
تكتس منها إلا ما يليق بها، و لم تلبس من المعارض إلا ما يزينها.
فأما أن تضع في نفسك أنك لا بد من
أن تجنس أو تسجع بلفظين مخصوصين فهو الذي أنت منه بعرض الاستكراه، و على خطر من
الخطأ و الوقوع في الذم. فإن ساعدك الجد كما ساعد المحدث- يعني أبا الفتح البستي-
في قوله:
ناظراه فيما جنى ناظراه
أو دعاني أمت بما أودعاني
و كما ساعد أبا تمام في نحو قوله:
و أنجدتمو من بعد اتهام داركم
فيا دمع أنجدني على ساكني نجد
فذاك. و إلا أطلقت ألسنة العيب، و
أفضى بك طلب الإحسان من حيث لم يحسن الطلب، إلى أفحش الإساءة و أكبر الذنب».
رد العجز على الصدر
أول من تكلم عن هذا الفن البديعي
اللفظي عبد اللّه بن المعتز،