اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 190
3- و منه ما
يكون التجريد فيه حاصلا بلفظة «باء المعية» الداخلة على المنتزع، نحو قول الشاعر:
و شوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى
بمستلئم مثل الفنيق المرحل
فالمعنى: و رب فرس هذه صفتها تعدو
بي لنجدة المستغيث في الحرب و معي من نفسي آخر مستعد للحرب. فقد بالغ في اتصافه
بالاستعداد حتى انتزع و جرّد من نفسه مستعدا آخر لابسا درعا.
4- و منه ما يكون التجريد فيه حاصلا بدخول لفظة «في» على المنتزع
منه، نحو قوله تعالى: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ،
أي لهم في جهنم، و هي دار الخلد، لكنه انتزع دارا أخرى مثلها و جعلها معدة في جهنم
لأجل الكفار تهويلا لأمرها، و مبالغة في اتصافها بالشدة.
5- و منه ما يكون التجريد فيه حاصلا بدون توسط حرف، كقول قتادة بن
مسلمة الحنفي:
فلئن بقيت لأرحلنّ بغزوة
تحوي الغنائم أو يموت كريم
فالشاعر قد عنى «بالكريم» هنا
نفسه، فكأنه انتزع و جرّد من نفسه كريما مبالغة في كرمه. و قيل إن التقدير «أو
يموت مني كريم» فيكون من قبيل: «لي من فلان صديق حميم» فلا يكون قسما آخر، و إنما
يكون من القسم الأول الذي يكون التجريد فيه حاصلا بدخول «من» التجريدية على
المنتزع منه.
[1] و شوهاء: فرس شوهاء، و شوهاء في هذا الموضع صفة محمودة، و يراد
بها سعة أشداق الفرس، و صارخ الوغى: أي المستغيث في الحرب، و المستلئم: لابس
اللأمة و هي الدرع، و الفنيق: الفحل المكرم عند أهله، و المرحل: من رحل البعير
أشخصه من مكانه و أرسله.
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 190