اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 180
و من أمثلة ذلك قول البحتري في وصف الإبل الانضاء التي أنحلها السير:
كالقسيّ المعطفات بل الأس
هم مبرية بل الأوتار
فإنه لما شبه الإبل بالقسي و أراد
أن يكرر التشبيه كان يمكنه أن يشبهها مثلا بالعراجين أو نون الخط لأن المعنى واحد
في الانحناء و الرقة، و لكنه قصد المناسبة بين الأسهم و الأوتار لما تقدم ذكر
القسي.
و من شواهد مراعاة النظير التي
يجمع فيها بين الأمر و ما يناسبه لا على وجه التضاد قول الشاعر في وصف فرس:
من جلّنار ناضر خده
و أذنه من ورق الآس
فالمناسبة هنا بين الجلنار و الآس
و النضارة.
و منها أيضا قول ابن رشيق في مدح
الأمير تميم:
أصح و أقوى ما سمعناه في الندى
من الخبر المأثور منذ قديم
أحاديث ترويها السيول عن الحيا
عن البحر عن كف الأمير تميم
فإن الشاعر قد ناسب هنا بين الصحة
و القوة و السماع و الخبر المأثور و الرواية، ثم بين السيل و الحيا و البحر و كف
تميم، مع ما في البيت الثاني من صحة الترتيب في العنعنة، إذ جعل الرواية لصاغر عن
كابر كما يقع في سند الأحاديث، فإن السيول أصلها المطر و المطر أصله البحر، و لهذا
جعل كف الممدوح أصلا للبحر مبالغة.