اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 171
«البديع»، و
قال عنه: «هو مذهب سماه عمرو الجاحظ المذهب الكلامي.
و هذا باب ما أعلم أني وجدت في
القرآن منه شيئا، و هو ينسب إلى التكلف، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا».
و لكن ابن المعتز لم يذكر مفهوم
الجاحظ لهذا الفن البديعي كما أنه لم يحاول هو تحديده، و كل ما فعله أنه ذكر بعض
أمثلة له، منها قول الفرزدق:
لكل امرىء نفسان: نفس كريمة
و أخرى يعاصيها الفتى و يطيعها
و نفسك من نفسيك تشفع للندى
إذا قل من أحرار هنّ شفيعها
و منها قول أبي نواس:
إن هذا يرى- و لا رأي للأح
مق- أني أعده إنسانا
ذاك في الظن عنده و هو عندي
كالذي لم يكن و إن كان كانا
و قول إبراهيم بن المهدي يعتذر
للمأمون من وثوبه على الخلاقة:
البرّ منك وطاء العذر عندك لي
فيما فعلت فلم تعذل و لم تلم
و قام علمك بي فاحتج عندك لي
مقام شاهد عدل غير متهم
و إذا تأملنا كل مثال من هذه
الأمثلة وجدنا أن الشاعر يدعي دعوى ثم يحاول التماس دليل مقنع عليها. تماما كما
يفعل المتكلمون بإيراد الحجج العقلية على دعاواهم.
و على هذا فأغلب الظن أن مفهوم
المذهب الكلامي عند الجاحظ و ابن المعتز كما توحي به الأمثلة السابقة هو: اصطناع
مذهب المتكلمين العقلي في الجدل و الاستدلال و إيراد الحجج و التماس العلل، و ذلك
بأن