اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 111
2- أما الغلو غير المقبول فيتمثل في المعنى الذي يمتنع عقلا و عادة مع
خلوه من أدوات التقريب التي تدنيه إلى الصحة و القبول. فمن أمثلة ذلك قول المتنبي
مادحا:
فتى ألف جزء رأيه في زمانه
أقل جزيىء بعضه الرأي أجمع «1»
فعلى ما في البيت من بعض التعقيد الناشىء عن التقديم و التأخير الذي
اقتضاه الوزن يريد المتنبي أن يقول: إن هذا الممدوح فتى رأيه في أحوال زمانه بقدر
ألف جزء، و أقل جزء من هذه الأجزاء يعادل جزء منه كل ما لدى الناس من الرأي.
فوجود إنسان رأيه على النحو الذي صوره الشاعر ممتنع عقلا و عادة، و
هو غلو غث لا يدعو إلى الإعجاب به بل إلى التعجب منه!
و منه أيضا مادحا:
و نفس دون مطلبها الثريا
و كف دونها فيض البحار
و منه قول أبي نواس في وصف الخمر:
فلما شربناها و دب دبيبها
إلى موضع الأسرار قلت لها: قفي
مخافة أن يسطو علي شعاعها
فيطلع ندماني على سري الخفي
فسطوة شعاع الخمر عليه بحيث يصير جسمه شفّافا يظهر لنديمه ما في
باطنه لا يمكن عقلا و لا عادة، فهو غلو مفرط.
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 111