اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 106
«الغلو»، فقد تناوله في كتابه العمدة من جوانب متعددة ألّم فيها ببعض آراء
سابقيه و معاصريه و علق عليها بما عنّ له شخصيا من آراء و أفكار.
فهو أولا يعارض من يرى أن فضيلة الشاعر إنما هي في معرفته بوجوه
الإغراق و الغلو، و لا يرى ذلك إلا محالا، لمخالفته الحقيقة و خروجه عن الواجب و
المتعارف.
و هو يوافق الحذاق القائلين: «خيرالكلام الحقائق، فإن لم تكن فما قاربها و ناسبها، و أنشد المبرد قول
الأعشى:
فلو أن ما أبقين مني معلقا
بعود ثمام ما تأوّد عودها
فقال: هذا متجاوز، و أحسن الشعر ما قارب فيه القائل إذ شبّه، و أحسن
منه ما أصاب الحقيقة فيه».
و أصح الكلام عند ابن رشيق ما قام عليه الدليل، و ثبت فيه الشاهد من
كتاب اللّه، فقد قرن الغلو فيه بالخروج عن الحق، فقال جلّ من قائل:يا أَهْلَ الْكِتابِ لا
تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ.
كما أتى على تعريف قدامة «للغلو» و
هو: تجاوز في نعت ما للشيء أن يكون عليه، و ليس خارجا عن طباعه. و على هذا تأويل
أصحاب التفسير قوله تعالى:وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ،أي: كادت ...
كذلك أورد رأي القاضي الجرجاني[1]في الإفراط، و خلاصته أن الإفراط
مذهب عام في المحدثين و موجود كذلك لدى الأوائل، و أن الناس مختلفون فيه: من
مستحسن قابل، و مستقبح راد، و أن له رسوما متى وقف الشاعر عندها، و لم يتجاوز
بالوصف حدها سلم، و متى تجاوزها اتسعت له
[1]هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز الشهير
بالقاضي الجرجاني المتوفى سنة 366 ه، و صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي و خصومه.
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 106