اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 348
و قال الأخفش: و الفصل بين الجر و النصب في قولك:" ما أنت كزيد،
و لا شبيها به" أنك إذا جررت" الشبيه"، فقد أثبت شبيها، و إذا نصبت
لم تثبت هاهنا شبيها بزيد و قد بينا هذا.
هذا باب الإضمار في"
ليس" و" كان" كالإضمار في" إنّ"
(إذا قلت:" إنه من يأتنا نأته"، و" إنه أمة اللّه
ذاهبة" فمن ذلك قول العرب:
" ليس خلق اللّه مثله"، فلو لا أن فيه إضمارا، لم يجز أن
تذكر الفعل، و لم تعمله في اسم، و لكن فيه من الإضمار مثل ما في" إنه" و
سوف نبين حال هذا الإضمار، و كيف هو إن شاء اللّه تعالى).
قال أبو سعيد: اعلم أن كل جملة فهي
حديث أمر و شأن، و العرب قد تقدم قبل الجمل ضمير الأمر و الشأن، ثم تأتي بالجملة،
فتكون الجملة هي خبر الأمر و الشأن؛ لأن الجملة هي الأمر و الشأن و هذا الذي يسميه
الكوفيون المجهول. فمن ذلك قولهم:" إنه أمة اللّه ذاهبة" و" إنه
زيد ذاهب"." فالهاء" ضمير الأمر و" زيد ذاهب" مبتدأ، و
خبره في موضع خبر الأمر و الشأن، و" إنه من يأتنا نأته"، و" إنه
قام عبد اللّه". فالهاء في هذه المواضع هي الاسم، و ما بعدها من الجملة خبر،
و لا يجوز حذفها إلا في الشعر، لا يجوز أن تقول:" إن زيد ذاهب" على
معنى: إنه زيد ذاهب في الكلام. و قد جاء في الشعر. قال الشاعر:
إنّ من لام في بني بنت حسّا
ن ألمه و أعضه في الخطوب
أراد:" إنه".
و ربما جعلوا مكان ضمير الأمر و
الشأن ضمير القصة. فيقولون:" إنها جاريتك منطلقة"، قال اللّه تعالى:
فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ تقديرها: فإن القصة: و أكثر ما
يجيء إضمار القصة مع المؤنث، و إضمارها مع المذكر جائز في القياس، و من
ذلك:" كان زيد ذاهب"، و" كان قام زيد" تريد: كان الأمر و
الشأن زيد ذاهب. ففي" كان" ضمير
[1] البيت منسوب إلى الأعشى في ديوانه ق 68/ 12، الإنصاف 1/ 180،
الخزانة 2/ 463؛ 3/ 654.