[1] قال الزّركشيّ: و اعلم أنّ للشيء في الوجود أربع مراتب:
الأولى: حقيقته في نفسه. و
الثانية: مثاله في الذّهن. و هذان لا يختلفان باختلاف الأمم. و الثّالثة: اللفظ
الدالّ على المثال الذّهنيّ و الخارجيّ. و الرّابعة: الكتابة الدالّة على اللفظ. و
هذان قد يختلفان باختلاف الأمم كاختلاف اللغة العربيّة و الفارسيّة و الخطّ
العربيّ و الهنديّ، و لهذا صنّف النّاس في الخطّ و الهجاء، إذ لا يجري على حقيقة
اللفظ من كلّ وجه.
و قال الفارسيّ: لمّا عمل أبو
بكر بن السرّاج كتاب «الخطّ و الهجاء» قال لي: «اكتب كتابنا هذا». قلت له: «نعم
إلّا أنّي آخذ بآخر حرف منه» قال: «و ما هو»؟ قلت: «قوله»:
«و من عرف صواب اللفظ عرف صواب الخطّ».
قال أبو الحسين بن فارس- في كتاب
«فقه اللغة»-: يروى أنّ أوّل من كتب الكتاب العربيّ- و السّريانيّ، و الكتب كلّها:
آدم عليه السّلام قبل موته بثلاثمائة سنة، كتبها في طين و طبخه، فلمّا أصاب الأرض
الغرق وجد كلّ قوم كتابا فكتبوه، فأصاب إسماعيل الكتاب العربيّ.
و كان ابن عبّاس يقول: أوّل من
وضع الكتاب العربيّ إسماعيل عليه السّلام. قال: و الرّوايات في هذا الباب كثيرة و
مختلفة.
و قال ابن خلّكان: و جميع كتابات
الأمم من سكّان الشّرق و الغرب اثنتا عشرة كتابة و هي: «العربيّة و الحميريّة و
اليونانيّة و الفارسيّة و السّريانيّة و العبرانيّة و الرّوميّة و القبطيّة و
البربريّة و الأندلسيّة و الهنديّة و الصينيّة».
فخمس منها اضمحلّت و بطل
استعمالها و ذهب من يعرفها و هي: «الحميريّة-