اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 41
و إنّي و إن بلّغتني شرف الغنى
و اعتقت من رقّ المطامع أخدعي
فإن لها في هذين المكانين ما لا
يخفى من الحسن، ثم إنك تتأملها في بيت أبي تمام: [من المنسرح]
يا دهر قوّم من أخدعيك، فقد
أضججت هذا الأنام من خرقك
فتجد لها من الثّقل على النفس، و
من التنغيص و التكدير، أضعاف ما وجدت هناك من الرّوح و الخفّة، و من الإيناس و البهجة.
و من أعجب ذلك لفظة «الشّيء»،
فإنك تراها مقبولة حسنة في موضع، و ضعيفة مستكرهة في موضع. و إن أردت أن تعرف ذلك،
فانظر إلى قول عمر بن أبي ربيعة المخزوميّ: [من الطويل]
و من مالئ عينيه من شيء غيره
إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى
و قول أبي حيّة: [من الطويل]
إذا ما تقاضى المرء يوم و ليلة
تقاضاها شيء لا يملّ التّقاضيا
فإنك تعرف حسنها و مكانها من
القبول، ثم انظر إليها في بيت المتنبي: [من الطويل]
لو الفلك الدّوّار أبغضت سعيه
لعوّقه شيئ عن الدّوران
فإنك تراها تقلّ و تضؤل، بحسب نبلها
و حسنها فيما تقدّم و هذا باب واسع، فإنك تجد متى شئت الرّجلين قد استعملا كلما
بأعيانها، ثم ترى هذا قد فرع السّماك، و ترى ذاك قد لصق بالحضيض، فلو كانت الكلمة
إذا حسنت حسنت من حيث هي لفظ، و إذا استحقت المزيّة و الشرف استحقّت ذلك في ذاتها
و على انفرادها، دون أن يكون السبب في ذلك حال لها مع أخواتها المجاورة لها في
النظم، لما اختلف بها الحال، و لكانت إمّا أن تحسن أبدا، أو لا تحسن أبدا.
[1] البيت للبحتري في ديوانه فانظره، و الأخدع: عرق في العنق.
[2] البيت في ديوانه، و الخرق: نقيض الرّفق، و الخرق مصدره. اللسان
(خرق).
[3] البيت في ديوانه، و الكتاب (1/ 165)، و المقاصد النحوية (3/
531).
[4] في ديوانه المجموع، و هو بلا نسبة في لسان العرب (قضى)، و تاج
العروس (قضى).
[5] في ديوانه و هو من القصيدة التي قالها في مدح كافور سنة 348 ه.
[6] فرع كلّ شيء: أعلاه. و السماء كان نجمان نيّران أحدهما الرامح
و الآخر الأعزل. ا. ه القاموس
[1218] .
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 41