responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 4

ممن تكلموا في أمر الفصاحة و البلاغة بغير علم كالقاضي عبد الجبار و غيره من أئمة المعتزلة، فكان ذلك هو شغله الشاغل، الذي صرف إليه جلّ همه و عزمه.

و لو أن المصنف- رحمه اللّه- قصد إلى أن يكون كتابه كتابا تعليميا لكان على غير هذا الوضع، و لكن هذا شي‌ء لم يقصد إليه.

و هذا ما دعا المتأخرين بعد زمان عبد القاهر الذين أفادوا من كتابي عبد القاهر هذين كل الإفادة، أن يتداركوا هذا الأمر و أن ينظموا ما تناثر من درره في هذين الكتابين في نظام واحد في هذا التقسيم الثلاثي الصارم لعلوم البلاغة الذي أتى به أبو يعقوب يوسف السكاكي في كتابه (مفتاح العلوم) الذي بلغ به الغاية من دقة التقسيم و التبويب و الترتيب على ما يؤخذ عليه من المبالغة في هذا التقسيم و الترتيب و اعتماده فيه حدود المنطق و قواعده.

غير أنه لم يخل من عيب قاتل كذلك و هو جفاف مادته و عبارته، و شدّة إيجازه و اقتضابه، و قلّة شواهده، و عدم اعتنائه بتحليل شواهده تحليلا بلاغيا أدبيا يضارع ما كان عليه أسلوب عبد القاهر من سلاسة ورقة و بهاء و رونق و هيهات هيهات فدونه و عبارة عبد القاهر و أسلوبه كما بين المشرق و المغرب.

و رغم ما قصد إليه أبو يعقوب السكاكي من الغاية التعليمية بجمع القواعد و ترتيب المباحث و التقسيم إلى فصول و أبواب و فنون، رغم ذلك كلّه فقد أخفق في غايته في تذليل علوم البلاغة للدارس بل سلك بها مسلكا مضادا لغاية البلاغة و مقصدها؛ فإذا كانت غاية البلاغة تنمية الذوق الأدبي و الارتقاء به؛ فإن طريقة السكاكي و من سلكوا دربه من بعده قد أورثت الذوق العربي في ذلك الوقت عقما لازمه إلى عصرنا هذا حتى استيقظ الناس من سباتهم تلك القرون و أدركوا أنهم قد ضلوا السبيل إلى الفصاحة و البلاغة و البيان، و قامت صحوة بلاغية عرفت لعبد القاهر حقه فراحت تلتمس خطاه، و تلتقط درره، و تستلهم روحه و أفكاره في بعث بلاغي جديد لحمته و سداه قضية النظم التي ما فتئ عبد القاهر يدندن عليها في كتابه هذا،. و لعلّ هذا يبين لنا سرّ الاهتمام بهذين الكتابين الجليلين للإمام عبد القاهر الجرجاني و كثرة تداولهما، و الإقبال على نسخهما من طلاب البلاغة في عصرنا هذا.

و هذا مما حفزني على الإقبال على الاعتناء بتخريج شواهد هذا الكتاب تخريجا مفصلا لا تجده في نشرة من نشراته السابقة، مع الاعتناء بشرح غريبه، و بيان‌

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 4
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست