فأصل النّكرة المفردة أن تكون لواحد (١) من الجنس. فقد يقصد به (٢) الجنس
فقط ، وقد يقصد به الواحد فقط (٣) ، والّذي (٤) يشعر به كلام الشّيخ في دلائل
الإعجاز أنّه لا فرق بين المعرفة والنّكرة في أنّ البناء عليه (٥) قد يكون
للتّخصيص ، وقد يكون للتّقوّي [ووافقه] أي عبد القاهر [السّكّاكي على ذلك] أي على
أنّ التّقديم يفيد التّخصيص (٦) ولكن خالفه (٧)
والمرأة فيكون قصر إفراد. ويجوز أن ينصرف إلى العدد ، فيقال في المفرد :
رجل جاءني ، أي لا اثنان ولا جماعة ، وفي المثنّى رجلان جاءاني أي ولا واحد ولا
جماعة ، وفي الجمع.
(١) أي فيكون
مقابلا للتّثنية والجمع ، ومعنى قوله : «أن تكون لواحد من الجنس» أي تستعمل في
واحد ملحوظ فيه الجنس بحيث تكون دالّة على الأمرين الواحد والجنس.
(٢) أي بلفظ
النّكرة يقصد به الجنس فقط ، وعلى هذا لا يجوز أن يثنّى ويجمع إذ لا تعدّد في
الماهيّة ، ولا يقصد به الواحد للعلم به كما إذا اعتقد المخاطب بنحو : رجل جاءني ،
أنّه قد أتاك آت ، ولم يدر جنسه أرجل أو امرأة ، فالمقصود من الرّجل هو الجنس فقط.
(٣) أي يقصد
بلفظ النّكرة الواحد من الجنس لا الواحد فقط ، فهذا التّعبير من الشّارح لا يخلو
عن تسامح ، بل المراد يقصد به الواحد من الجنس ، ولا يقصد به الجنس للعلم به ، كما
إذا عرف أنّه قد أتاك من هو من جنس الرّجال ، ولم يدر أرجل هو أم رجلان ، وقد يقصد
به كلاهما كما عرفت.
(٤) هذا اعتراض
على المصنّف بأنّه قال : إذا بني على منكّر تعيّن فيه التّخصيص ، ولا يفيد
التّقوّي أصلا ، مع أنّ هذا الكلام نقل عن عبد القاهر ، وكلامه في دلائل الإعجاز
يشعر بإفادة النّكرة التّقوّي أيضا ، فلا فرق بين المعرفة والنّكرة.
(٥) أي المسند
إليه.
(٦) أي ولم يقل
: إنّ التّقديم يفيد التّقوّي ، لأنّ محلّ النّزاع بينهما هو التّخصيص ، وأمّا
التّقوّي فموجود في جميع صور التّقديم ، فتقديم المسند إليه يفيد التّخصيص عند
السّكّاكي ، سواء كان معرفة أو نكرة.
(٧) أي خالف
السّكّاكي عبد القاهر في بعض الأمور كما أشار إليه بقوله : «في شرائط ...».