ولكن (١) أيضا للرّد إلى الصّواب إلّا أنّه (٢) لا يقال لنفي الشّركة ،
حتّى إنّ نحو : ما جاءني زيد لكن عمرو ، إنّما يقال : لمن اعتقد أنّ زيدا جاءك دون
عمرو ، لا لمن اعتقد أنّهما جاءاك جميعا. وفي كلام النّحاة (٣) ما يشعر بأنّه
إنّما يقال : لمن اعتقد انتفاء المجيء عنهما جميعا [أو صرف الحكم (٤)] عن المحكوم
عليه [إلى] محكوم عليه [آخر ، نحو :جاءني زيد بل عمرو (٥) ، أو ما جاءني زيد بل
عمرو (٦)] فإنّ بل للإضراب عن المتبوع ، وصرف الحكم إلى التّابع ، ومعنى الإضراب (٧)
عن المتبوع
(١) أي لفظ «لكن
أيضا» أي مثل لا لردّ السّامع إلى الصّواب.
(٢) أي لفظ «لكن»
لا يستعمل لنفي الشّركة كي يكون لقصر إفراد ، فيكون لقصر القلب فقط ، فهذا
الاستدراك دفع لما يتوهّم من أنّ «لكن» مثل (لا) من كلّ وجه.
(٣) لأنّ
النّحاة قالوا : الاستدراك رفع ما يتوهّم من الكلام السّابق ، كما في نحو : ما
جاءني زيد ، فيتوهّم نفي مجيء عمرو أيضا ، لما بينهما من المشاركة والمصاحبة ،
فيقال : لكن عمرو ، فهذا يدلّ على أنّ المتوهّم الاشتراك في النّفي ، فقوله : «لكن
عمرو» أي جاء عمرو ، فيكون لقصر إفراد لا لقصر قلب ، والغرض من نقل ما يشعر به
كلام النّحاة المعارضة بينه وبين ما قرّره أوّلا الّذي هو كلام المفتاح والإيضاح.
لأنّ حاصل ما قرّره أوّلا
: إنّ لكن لقصر
القلب فقط ، وحاصل ما نقله عن النّحاة أنّ لكن لقصر الإفراد ، أي نفي الشّركة في
الانتفاء ، ثمّ إنّ الخلاف في النّحويّين والمعانيّين في كون لكن لقصر الإفراد أو
القلب ، إنّما في النّفي ، وأمّا كونها لقصر الإفراد أو القلب في الإثبات فلا قائل
به كما قاله في المطوّل ، لأنّ المفهوم من كلام النّحاة اختصاص لكن العاطفة
بالنّفي ، كما أنّ لا العاطفة المختصّة بالإثبات.
(٤) أي المحكوم
به.
(٥) مثال
للإثبات.
(٦) مثال
للنّفي ، فالغرض من العطف بكلمة «بل» صرف الحكم أعني الفعل عن المحكوم عليه ، أعني
زيدا إلى آخر ، أعني عمرا ، فإنّ «بل» للإضراب ، أي الإعراض عن المتبوع وصرف الحكم
إلى التّابع ، فكأنّ المتكلّم حكم أوّلا بأنّ الفعل مسند إلى المتبوع ، ثمّ ظهر له
أنّه غلط ، فصرف الفعل عنه إلى التّابع.