فإنّ فيه تفصيلا للمسند إليه (١) ، مع أنّه ليس من عطف المسند إليه (٢) ،
بل من عطف الجمل ، وما يقال : من أنّه (٣) احتراز عن نحو جاءني زيد جاءني عمرو ،
من غير عطف ، فليس (٤) بشيء إذ ليس فيه دلالة على تفصيل المسند إليه بل يحتمل (٥)
أن يكون إضرابا عن الكلام الأوّل ونصّ عليه (٦) الشّيخ في دلائل الإعجاز [أو]
لتفصيل [المسند (٧)] بأنّه قد حصل (٨) من أحد المذكورين أوّلا ومن الآخر بعده مع
مهلة أو بلا مهلة [كذلك] أي
(٢) مع أنّ
الكلام في عطف المسند إليه ، لا في عطف الجملة.
(٣) أي قوله : «مع
اختصار».
(٤) خبر لقوله
: «وما يقال : ...».
(٥) الظّاهر من
كلام الشّارح أنّ في نحو : جاءني زيد جاءني عمرو ، احتمالين :
أحدهما
: أن يكون
إضرابا عن الكلام الأوّل ، فيكون الحكم فيه مرجوعا عن الأوّل ، فلم يبق فيه المسند
إليه مسندا إليه ، فهو خارج من قوله : «فلتفصيل المسند إليه» لا محالة ، فبطل قول
القائل : إنّه خارج من قوله : «مع اختصار».
الثّاني
: أن يكون
العاطف ملاحظا فيه ، فلا يكون إضرابا عن الأوّل ، فحينئذ يصحّ كونه لتفصيل المسند
إليه ، لكن ليس فيه اختصار لتكرار العامل ، فيصحّ الاحتراز عنه بقوله : «مع اختصار»
والظّاهر إنّ غرض ذلك القائل الاحتراز بالنّظر إلى الاحتمال الثّاني ، فيكون كلامه
صحيحا لا غبار عليه ، فلعلّ مقصود الشّارح أنّ جعل ذلك القائل المثال المذكور
متعيّنا للاحتراز مطلقا لا يصحّ لما فيه من الاحتمال.
(٦) أي نصّ على
احتمال الإضراب ، الشّيخ عبد القاهر في دلائل الإعجاز.
(٧) المراد من
تفصيل المسند هو تعدّد وقوعه مرتّبا بأن حصل من أحد الفاعلين سابقا ، ومن الآخر
لاحقا مع مهلة أو بلا مهلة ، والأوّل فيما كان العطف بثمّ ، والثّاني فيما إذا كان
بالفاء ، وقد أشار إليه بقوله : «بأنّه قد حصل من أحد المذكورين» أي حصل المسند من
المعطوف أو المعطوف عليه «أوّلا ، ومن الآخر بعده مع مهلة أو بلا مهلة».