وفي عرف النّحاة التّخصيص عبارة عن تقليل الاشتراك في النّكرات (١) ،
والتّوضيح عبارة عن رفع الاحتمال الحاصل في المعارف [نحو : زيد التّاجر عندنا]
فإنّ وصفه بالتّاجر يرفع احتمال التّاجر وغيره (٢) ، [أو] لكون الوصف (٣) [مدحا أو
ذمّا نحو : جاءني زيد العالم أو الجاهل حيث يتعيّن الموصوف (٤)] أعني زيدا [قبل
ذكره]
عند النّحاة ، لأنّ التّخصيص عند البيانيّين يجري في النّكرات والمعارف ،
هذا بخلاف التّخصيص عند النّحاة حيث لا يجري إلّا في النّكرات ، وأمّا رفع
الاحتمال في المعارف ، فهو توضيح لا تخصيص.
توضيح ذلك :
إنّ التّخصيص على اصطلاح أرباب المعاني يغاير التّخصيص على اصطلاح النّحويّين ،
لأنّ أئمّة المعاني يطلقون التّخصيص على معنى شامل لتقليل الاشتراك الحاصل في
النّكرات ، ولرفع الاحتمال الكائن في المعارف ، وأئمّة النّحو يطلقون التّخصيص على
خصوص تقليل الاشتراك الكائن في النّكرات ، وأمّا رفع الاحتمال الكائن في المعارف
فيطلقون عليه التّوضيح لا التّخصيص ، وعليه فما ذكره المصنّف من التّمثيل لكون
الوصف مخصّصا بقوله : «زيد التّاجر» مبنيّ على ما اصطلح عليه أرباب المعاني ، فلا
يرد عليه أنّه وقع في غير محلّه.
(١) نحو : رجل
عالم ، فإنّه كان بحسب الوضع محتملا لكلّ فرد من أفراد الرّجال ، فلمّا قلت : عالم ، قلّلت ذلك الاشتراك والاحتمال وخصّصته بالفرد من
الأفراد المتّصفة بالعلم.
(٢) فإنّ زيدا
كان فيه احتمال أن يكون تاجرا أو غيره بحسب تعدّد الوضع ، فلمّا وصفته بالتّاجر رفعت
احتمال غيره.
(٣) إشارة إلى
أنّ قوله : «مدحا» عطف على قوله : «مبيّنا أو مخصّصا» ويحتاج حينئذ إلى التّأويل
بمادح أو ذامّ أو إلى كونه بتقدير ذا مدح ، أو ذا ذمّ أو إلى القول بأنّه جعل
الوصف مدحا أو ذمّا مبالغة.
(٤) إمّا لعدم
شريك له في ذلك الاسم أو لمعرفة المخاطب له بعينه قبل ذكر الوصف ، فالحيثيّة
للتّقييد ، يعني أنّ هذا المثال يكون مثالا للمدح أو الذّمّ في مقام يتعيّن ويعلم
قبل ذكر الوصف وإن لم يتعيّن ، لا يكون مثالا لهما.