أي نوع من الأغطية (١) وهو غطاء التّعامي عن آيات الله تعالى. وفي المفتاح
أنّه (٢) للتّعظيم أي غشاوة عظيمة [أو التّعظيم أو التّحقير (٣) كقوله (٤) : له
حاجب] أي مانع عظيم [في كلّ أمر يشينه] أي يعيبه [وليس له عن طالب العرف (٥) حاجب]
أي مانع
(١) غير ما
يتعارفه النّاس لأنّ الأغطية المتعارفة عند النّاس من الحرير والدّيباج ، وسائر
الأجناس المانعة عن رؤية ما ورائها وأمّا الغطاء الّذي على أبصارهم ، فهو غطاء
التّعامي عن آيات الله ، ولذا قيل
:(وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها).
وكيف كان فليس
المراد فرد من أفراد العشاوة ، لأنّ الفرد الواحد لا يقوم بالأبصار المتعدّدة ، بل
المراد نوع من جنس الغشاوة ، وذلك النّوع ، هو غطاء التّعامي ، هذا ما في الكشّاف.
(٢) أي تنكير (غِشاوَةٌ) للتّعظيم ، أي غشاوة عظيمة تحجب أبصارهم ، ويمكن أن
يقال : إنّه لا تنافي بين كلام المصنّف والمفتاح ، لأنّ الغشاوة العظيمة نوع من
مطلق الغشاوة ، فمراد المصنّف بقوله : نحو : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ
غِشاوَةٌ) أي نوع من الغشاوة ، هو الغشاوة العظيمة ، وذلك النّوع
هو غطاء التّعامي ، وإضافة ال «غطاء» إلى «التّعامي» بيانيّة.
(٣) أي يذكر
المسند إليه نكرة لإفادة تعظيم معناه أو تحقيره ، وأنّه بلغ في ارتفاع شأنه ، أو
في الانحطاط مبلغا لا يمكن أن يعرف لعدم الوقوف على عظمته في الأوّل ، ولعدم
الاعتداد به في الثّاني.
(٤) أي قول ابن
أبي السّمط «له حاجب» أي الممدوح مانع ، والمراد بالحاجب هي النّفس الإنسانيّة
الّتي هي لطيفة ربّانيّة ، وبالعناية الإلهيّة صارت مائلة إلى التّطهير ، فتمنع من
أجل ذلك من كلّ ما يشينه أي يعيبه «أي مانع عظيم» إشارة إلى كون التّنكير للتّعظيم
هنا ، وللتّحقير فيما سيأتي ، وذلك بالقرينة المقاميّة حيث إنّ المقام مقام المدح
والمناسب له في حاجب الأوّل حمل تنكيره على التّعظيم ، وفي حاجب الثّاني حمل
تنكيره على التّحقير.
ومعنى البيت
أنّ الممدوح إذا أراد أن يرتكب أمرا قبيحا منعه مانع عظيم بلغ في العظمة إلى مكان
لا يمكن تعيينه وتحديده ، وإذا طلب منه إنسان معروفا وإحسانا لم يكن له مانع حقير
فضلا عن العظيم يمنعه من الإحسان فهو في غاية الكمال.