بل الجمع المعرّف بلام الاستغراق (١) يتناول كلّ واحد من الأفراد على ما
ذكره أكثر أئمّة الأصول والنّحو ودلّ عليه (٢) الاستقراء وأشار إليه (٣) أئمّة
التّفسير ، وقد أشبعنا الكلام في هذا المقام في الشّرح (٤). فليطالع ثمّة (٥).
(١) نحو : إنّي
أحبّ المسلمين إلّا زيدا ، يتناول كلّ فرد من أفراد المسلمين مثل المفرد ، فإنّ
المراد كلّ فرد لا كلّ جمع ، وإلّا لقيل إلّا الجمع الفلاني ، لا إلّا زيدا ،
فيكون الجمع كالمفرد في الاستغراق كأنّه بطل معنى الجمعيّة.
(٢) أي على
التّناول المذكور.
(٣) أي إلى
التّناول ، وحاصل اعتراض الشّارح على المصنّف أنّ الجمع يكون مساويا للمفرد في
الشّمول ، فلا تصحّ دعوى المصنّف أشمليّة المفرد على الجمع ، فيما إذا كان الجمع
معرّفا بلام الاستغراق.
(٤) أي المطوّل.
(٥) أي المطوّل
، حيث أشبع المصنّف الكلام فيه بإيراد الأمثلة والشّواهد الدّالّة على أنّ الجمع
المعرّف باللّام مساو للمفرد في الاستغراق ، فالمتحصّل من الجميع أنّ الشّارح
استدلّ على التّسوية بوجوه :
الأوّل
: إجماع أئمّة
الأصول ، فإنّهم قد ذكروا في باب العامّ والخاصّ : إنّ الجمع المعرّف باللّام من
ألفاظ العموم ، وأنّه يفيد الاستغراق بحيث لا يخرج عنه الواحد والاثنان.
الثّاني
: الاستقراء ،
أعني تتبّع موارد استعماله في كلمات العرب ، فإنّهم قد استعملوا في كلامهم المنظوم
والمنثور في الاستغراق والشّمول.
الثّالث
: اتّفاق أئمّة
التّفسير ، حيث إنّهم قد فسّروا الجمع المحلّى باللّام بكلّ فرد فرد من دون كلّ
جمع جمع في أيّ موضع وقع في التّنزيل.
الرّابع
: صحّة استثناء
الفرد أو التّثنية منه على طريقة الاستثناء المتّصل ، ولو كان لاستغراق كلّ جمع
جمع ، لما كان الاستثناء صحيحا إلّا على طريقة الاستثناء المنقطع ، لأنّ المستثنى
في الاستثناء المتّصل لا بدّ أن يكون من أفراد المستثنى منه عند كون الاستثناء
ناظرا إلى العموم ، ومعلوم أنّ الواحد والاثنين ليسا من أفراد الجماعة ، بل إنّما
هما من أجزائها.
نعم ، قد يقال
في جواب هذا الاعتراض : إنّ المراد بقوله : «واستغراق المفرد أشمل» أنّه قد يكون
أشمل في الجملة ، وبه صرّح السّيّد.