أو تعظيمه بالبعد نحو : (الم (١) ذلِكَ
الْكِتابُ)[١] (١)] تنزيلا لبعد درجته (٢) ورفعة محلّه (٣) منزلة بعد المسافة [أو تحقيره (٤)
بالبعد كما يقال : ذلك اللّعين فعل كذا] تنزيلا لبعده (٥)
على القرب ، فإنّ القرب هنا عبارة عن دنوّ رتبته وسفالة درجته.
توضيح ذلك :
إنّ القرب قد يطلق على دناءة المرتبة فيقال : زيد قريب ، أي داني المرتبة ، وهذه
المسألة قربيّة ، أي هيّنة وسهل التّناوّل ، كذلك قد يطلق ما يدلّ على القريب ،
كلفظة هذا على دناءة المرتبة والحقارة ، فيقال : هذا الّذي فعل كذا لمجنون ، أي
هذا الدّانيّ المرتبة وحقير المنزلة الّذي فعل كذا لمجنون ، تنزيلا لانحطاط درجته
ودنوّ مرتبته منزلة قرب المسافة ، فإنّ كلّ شيء كان أعلى مرتبة ومنزلة ، يحتاج
الوصول إليه إلى الوسائط ، كالشّيء البعيد من حيث المسافة بخلاف شيء دانيّ المرتبة
، فإنّ الوصول إليه لا يحتاج إلى وسائط فهو بمنزلة شيء قريب من حيث المسافة نحو : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ)والشّاهد : «هذا» حيث أوتي به لقصد إظهار حقارة المسند
إليه أعني نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم قاله أبو جهل مشيرا إلى المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والحاصل أنّه قد أورد المسند إليه اسم الإشارة
الموضوع للقريب قصدا لإهانته ، فكان الكفرة قبّحهم الله يقولون : أهذا الحقير يذكر
آلهتكم المستعظمة بنفي الألوهيّة عنها.
(١) قد أوتي
بالمسند إليه اسم الإشارة الموضوع للبعيد لإظهار عظمته ، والمسند إليه في الآية هو
القرآن ، فاستعمل اسم الإشارة الموضوع للبعيد تنزيلا لبعد درجته في البلاغة ،
والإخبار بالغيوب بمنزلة البعد الخارجيّ ، فيكون التّنزيل المذكور من باب تنزيل
المعقول منزلة المحسوس.
(٢) أي عظم
درجته.
(٣) أي شأن
الكتاب في الفصاحة والأسلوب.
(٤) أي المسند
إليه ، كما يقال : ذلك اللّعين ، والحال أنّه قريب.
(٥) أي المشار
إليه قوله : «تنزيلا» مفعول له لفعل محذوف ، أي استعمل ما وضع للإشارة إلى البعيد
في الحاضر القريب «تنزيلا لبعده عن ساحة عزّ الحضور» ، وإضافة «عزّ» إلى