أن يكون له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لا عن فاعل ، فهو إن كان ما أسند
إليه الفعل فلا مجاز ، وإلّا فيمكن تقديره فزعم صاحب المفتاح أنّ اعتراض الإمام
حقّ وأنّ فاعل هذه الأفعال (١) هو الله تعالى وإنّ الشيخ لم يعرف حقيقتها لخفائها
، فتبعه (٢) المصنّف ، وفي ظنّي إنّ هذا (٣) تكلّف والحقّ ما ذكره الشّيخ (٤) [وأنكره
(٥)] أي المجاز
وهذا الرّدّ
يتّجه إن كان مراد الشّيخ أنّ الأفعال المذكورة في الأمثلة المتقدّمة لا يتّصف بها
شيء على وجه الحقيقة ، ولا يمكن فرض موصوف لها أصلا ، وليس مراده ذلك ، بل المراد
أنّ نحو : سرّتني رؤيتك ، وأقدمني بلدك حقّ لي على فلان ، ويزيدك وجهه حسنا لا
يقصد في الاستعمال العرفيّ فيها فاعل الإقدام ولا فاعل السّرور المتعدّي ولا فاعل
الزّيادة المتعدّية ، ولذلك لم يوجد في ذلك الاستعمال إسنادها لما يحقّ أن يتّصف
بها ، لأنّها لكونها اعتباريّة ألغي عرفا استعمالها لموصوفها الواقعي ، فصار هذا
التّركيب في إسناده كالمجاز الّذي لم يستعمل له حقيقة ، وليس المراد أنّ هذه
الأفعال الاعتباريّة لا موصوف لها في نفس الأمر يكون الإسناد إليه حقيقة كي يقال :
إنّ كون الوصف بلا موصوف غير معقول.
(١) أي سرّتني
رؤيتك ، ويزيدك وجهه حسنا ، وأقدمني بلدك حقّ لي على فلان.
(٢) أي صاحب
المفتاح المصنّف.
(٣) أي تقدير
الفاعل لهذه الأفعال تكلّف ، ووجه التّكلّف إنّ تقدير الفاعل الموجد هو الله تعالى
في مثل هذه الأفعال ، تقدير لما لم يقصد في الاستعمال ، ولا يتعلّق به الغرض في
التّراكيب.
(٤) وذلك لأنّه
ليس مراده نفي الفاعل رأسا ، بل مراده نفي وجوب فاعل أسند إليه المسند قبل إسناده
إلى المجاز ، يعني أنّه لا يشترط في المجاز أن يكون المسند قد أسند قبل إلى الفاعل
الحقيقيّ ، بل يجوز أن يكون من أوّل الأمر.
(٥) أي أنكر
المجاز العقليّ السّكّاكي ، وقال : ليس في كلام العرب مجاز عقليّ ، وملخّص الوجه
لإنكاره : أنّ المجاز خلاف الأصل ، قد ثبت في الطّرف قطعا ، وإثباته في الإسناد
وإن كان لا فساد فيه لكن يمكن ردّه إلى المجاز في الطّرف الواقع قطعا ، والأصل ردّ
ما تردّد فيه إلى المتيقّن ، ولا يخفى أنّ ذلك ليس إلّا لتقليل الانتشار ، وتقريب
الضّبط