أقول : الظّاهر
إنّ الأمر بالعكس ، أي جعلها للاستعانة أولى من جعلها للمصاحبة ، فإنّ الاستعانة
صريحة في التّعظيم والتّبرّك باسم الله سبحانه ، بخلاف المصاحبة فإنّها وإن كانت
مشعرة بالتّعظيم لكن لم تكن في الدّلالة عليه بمثابة الاستعانة.
والقول بأنّها
منبئة عن إساءة الأدب لا يصغى إليه ، ضرورة أنّ التّبرّك باسم الله سبحانه وجعله
سببا للنّيل إلى المقصود ليس فيه شائبة من إساءة الأدب ، بل فيه إظهار عقيدة وخلوص
في ساحة عزّه سبحانه. هذا مع أنّ استعمالها في الاستعانة كقولك كتبت بالقلم وقطعت
المسافة بالعصا أكثر من استعمالها في المصاحبة ، فعند الدّوران إنّ الحمل على ما
هو الغالب أولى ، انتهى.
ثمّ إضافة
الاسم إلى الله بيانيّة إن أريد من الاسم مطلق الذّات ومن لفظ الله خصوص ذاته
تعالى لكون الخاصّ مبيّنا للعام.
وقيل : إنّها لاميّة في هذا الفرض. والإضافة لاميّة قطعا إن
أريد بالاسم لفظ دالّ على معنى مستقلّ بالمفهوميّة ، وبالله ذاته تعالى لأنّ
الإضافة حينئذ إنّما هي من إضافة مباين إلى مباين لمناسبة. ومن الضّروري أنّ إضافة
المباين إلى المباين لاميّة.
إن قلت : لو قيل بالله بدل
«بسم الله» لم يبق موضوع
للخلاف في إضافة الاسم إلى لفظ الجلالة.
قلت
: إنّ الإتيان
بالاسم بين الباء ولفظ الجلالة إنّما هو لحصول الفرق والميز بين اليمين والّتيمّن
، لأنّ الباء تدخل على لفظ الجلالة في الأوّل فيقال بالله ما فعلت كذا ، وعلى لفظ
الاسم في الثّاني. والله موصوف وكل من الرّحمن والرّحيم صفة له.
قيل
: إنّ الرّحيم
صفة للرحمن والرّحمن بدل لله. وما تتعلّق به الباء إمّا فعل أو اسم ، والاسم إمّا
مصدر أو اسم فاعل وعلى التّقادير الثّلاث إمّا عام أو خاصّ ، والمراد بالأوّل ما
لا يختصّ استعماله بمورد خاصّ كالابتداء وما يشتقّ منه ، فإنّه صالح أن يستعمل في
الشّروع في فعل أيّ شيء كان كالقراءة والتّأليف والأكل والشّرب وغير ذلك ،
وبالثّاني ما يختص بمورد خاصّ كالتّأليف وما يشتقّ منه فإنّه لا يصحّ استعماله في
الإتيان بالأكل والشّرب ونحوهما ، وإنّما يستعمل في جمع شيئين أو أشياء وتنسيقها ،
وعلى التّقادير السّتة إمّا مقدّم