بل [باعتبار (١) إفادته المعنى] أي الغرض المصوّغ له الكلام [بالتّركيب (٢)]
متعلّق بإفادته (٣) وذلك (٤) لأنّ البلاغة (٥) كما مرّ (٦) عبارة عن مطابقة الكلام
الفصيح
إفادته المعنى الأوّل الّذي هو مجرّد النّسبة بين الطّرفين على أيّ وجه كان
، بل باعتبار إفادته المعنى الزّائد المصوّغ له الكلام.
(١) متعلّق
بقوله : «راجعة» ، فمعنى كلام المصنّف أنّ البلاغة صفة راجعة إلى اللّفظ باعتبار
كون ذلك اللّفظ مفيدا للمعنى المقصود الزّائد على أصل المعنى ، وهو الخصوصيّات
الّتي يقتضيها المقام ، كردّ الإنكار والتّخطئة والتّعظيم والتّحقير والتّنكير
والتّقليل وغير ذلك ، ممّا يأتي تفصيله في علم المعاني.
(٢) وهذا القيد
يمكن أن يكون توضيحيّا فيكون مفاده عدم الإفادة أصلا عند عدم التّركيب ، كما نسب
إلى الشّيخ.
ويمكن أن يكون
تخريجيّا بناء على أنّ الإفادة لا تنحصر في التّركيب ، بل قد توجد من دون التّركيب
، كما إذا أردت أن تلقي على الحاسب أجناسا ليرفع حسابها ، فنقول : غلام ، ثوب ،
مكواة ، وهكذا ، فإنّ تلك الألفاظ المفردة مفيدة ، فالإفادة غير منحصرة في
التّركيب.
(٣) أي بيان
كون البلاغة صفة راجعة للّفظ باعتبار إفادة المعنى بالتّركيب.
(٤) شروع في
بيان تفريع قوله : «فالبلاغة ...» على التّعريف الّذي ذكره لبلاغة الكلام ، وحاصله
: إنّ البلاغة على ما مرّ في التّعريف عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال
، ولازم ذلك رجوعها إليه من حيث إفادته الغرض الدّاعي إلى التّكلّم به ، فإنّ
المطابقة لمقتضى الحال ليس من أوصاف الألفاظ المجرّدة عن المعاني والأغراض المصوّغ
لها الكلام ، كيف وإلّا لزم صحّة اتّصاف كلّ كلام بها ، وهو باطل جزما ، فليس
اتّصاف الألفاظ بالبلاغة إلّا لأجل إفادتها المعاني والأغراض المصوّغ لها الكلام ،
كردّ الإنكار مثلا ، وبالجملة إنّ رجوع البلاغة إلى اللّفظ إنّما هو باعتبار
إفادته المعنى والغرض المصوّغ له الكلام.