الفصيح لذكره الفصاحة في الكلام في تعريف البلاغة في الكلام ، حيث قال : «البلاغة
في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته» ، فحينئذ يدفع الإيراد عن كلتا
المقدّمتين ، لأنّ أصل الحسن ثبت للكلام بالفصاحة وارتفاع ذلك الحسن يكون
بالمطابقة ، كما أنّ انحطاطه بعدمها.
وبعبارة واضحة
: إنّ أصل الحسن إنّما يتحقّق بالفصاحة ، فارتفاعه يحصل بالمطابقة كما أنّ انحطاطه
من المرتبة العليا الحاصلة بالمطابقة إلى المرتبة الدّنيا الحاصلة بالفصاحة يحصل
بعدم المطابقة.
لا
يقال : إنّ هذا الجواب
من الشّارح ينافي ما سيأتي من المصنّف من أنّ الكلام الغير المطابق للاعتبار
المناسب ملتحق بأصوات الحيوانات فلا حسن فيه أصلا ولو بواسطة الفصاحة.
فإنّه
يقال : إنّ الالتحاق
بأصوات الحيوانات في كلامه مقيّد ب «عند البلغاء» فلا يلزم من التحاقه بها عندهم
التحاقه بها عند غيرهم ممّن يكون واجدا للفصاحة فقط ، فيكون معنى كلامه في المقام
ـ على ما فسّره الشّارح ـ إنّ ارتفاع شأن الكلام الفصيح في الحسن والقبول عند غير
البلغاء بمطابقته للاعتبار المناسب وانحطاطه بعدمها ، وهذا لا ينافي ما سيجيء منه.
(١) هذا جواب
عن سؤال مقدّر ، وهو أنّ ما ذكره المصنّف ـ من أنّ ارتفاع شأن الكلام في الحسن
والقبول بمطابقته للاعتبار المناسب لا غير ، حيث إنّ إضافة المصدر تفيد الحصر ـ لا
أساس له إذ لا شكّ في أنّ ارتفاع شأن الكلام لا ينحصر في المطابقة ، بل قد يرتفع
باشتماله على المحسّنات اللّفظيّة والمعنويّة البديعيّة كالجناس والطباق ونحوهما.
وحاصل الكلام
في الجواب : إنّ المراد بالحسن في المقام هو الحسن الذّاتي الّذي هو داخل في
البلاغة لا مطلق الحسن فحينئذ لا يبقى مجال لهذا السّؤال ، لأنّ ارتفاع شأن الكلام
بالمحسّنات البديعيّة إنّما هو في الحسن العرضي الخارج عن البلاغة لا في الحسن
الذّاتي الدّاخل في البلاغة ، ثمّ المراد من كون الحسن داخلا في البلاغة كون موجبه
وسببه داخلا في تعريفها ، أعني المطابقة فإنّها سبب للحسن ومأخوذة في تعريف
البلاغة في