بعدمها ، إنّما يكون في باب الحسن لا في غير هذا الباب ، كباب التّرغيب
والتّرهيب والنّصيحة ، فإنّ ارتفاعه وانحطاطه في هذه الأبواب باعتبار كثرة
التّأثير وقلّته ، واشتماله على كثرة النّصائح وقلّتها فكلّما كان الاشتمال أتمّ ،
وكان المشتمل عليه أليق بحال المخاطب ، كان الكلام في مراتب الحسن في نفسه أو
القبول عند البلغاء أرفع وأعلى ، وكلّما كان أنقص كان أشدّ انحطاطا وأدنى درجة ،
وأقلّ حسنا وقبولا. فالقبول عند البلغاء بقدر المطابقة للاعتبار المناسب والانحطاط
بقدر عدم المطابقة.
(١) أي بمطابقة
الكلام.
(٢) أي المناسب
للحال والمقام.
(٣) أي شأن
الكلام ، والتّفسير إشارة إلى أنّ الانحطاط مضاف إلى الضّمير الرّاجع إلى شأن الكلام
لا إلى نفسه.
(٤) أي الكلام
، والتّفسير يدلّ على أنّ مرجع الضّمير المؤنّث هي المطابقة.
(٥) دفع لسؤال
مقدّر. تقريب السّؤال : أنّه لا وجه لتوصيف الاعتبار بالمناسب للحال والمقام ،
فإنّ ما هو المناسب للحال إنّما هو متعلّق الاعتبار ـ أي الأمر المعتبر كالتّأكيد
والتّجريد والحذف وغيرها من مقتضيات الأحوال ـ لا الاعتبار الّذي هو فعل من أفعال
المتكلّم ، مثلا قولك : إنّ زيدا قائم ، مشتمل على التّأكيد ـ وهو الأمر المعتبر ـ
لا على اعتبارك وملاحظتك له.
وحاصل الدّفع :
إنّ المراد بالاعتبار هو الأمر المعتبر من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول
مبالغة وتنبيها على أنّ الأمر المناسب للزوم اعتباره ، صار كنفس الاعتبار.
(٦) هذا فيما
إذا كان المتكلّم من العرب العرباء ، فإنّ العرب بحسب سليقته وطبيعته وجبلّته
يتكلّم بكلام بليغ.
(٧) هذا فيما
إذا كان المتكلّم من غير العرب ، ثمّ المراد بالتّتبّع هو مطلق التّتبّع أي سواء
كان بلا واسطة أو معها.