الجبهة ثمّ استعير لكلّ واضح معروف (١) [وفيه نظر (٢)] لأنّ الكراهة في
السّمع إنّما هي من جهة الغرابة المفسّرة بالوحشيّة مثل تكأكأتم (٣) وافرنقعوا (٤)
ونحو ذلك (٥). وقيل (٦) : لأنّ الكراهة في السّمع وعدمها يرجعان إلى طيب النّغم
وعدم الطّيب لا إلى نفس اللّفظ.
(١) كلمة «من»
في قوله : «من الخيل الأبيض» تبعيضيّة ، ومن الخيل خبر للأغرّ ، الأبيض الجبهة
بيان له ، فيكون المعنى : الأغرّ هو بعض الخيل الّذي هو الأبيض الجبهة ، ثمّ
استعمال الأغرّ في سيف الدّولة على نحو الاستعارة المصرّحة لأنّ الاستعارة عبارة
عن أن يشبّه شيء بشيء في النّفس ثمّ تركت أركان التّشبيه سوى لفظ المشبّه به ،
ويراد به المشبّه ، والمقام من هذا القبيل حيث شبّه الشّاعر في نفسه سيف الدّولة
ببياض جبهة الفرس في الوضوح والظّهور ، ثمّ ترك أركان التشبيه سوى لفظ المشبّه به
أعني الأغرّ ، وأراد منه المشبّه أعني سيف الدّولة.
(٢) أي في
اشتراط الخلوص من الكراهة في السّمع في الفصاحة نظر ، وحاصل الإشكال أنّ الكراهة
في السّمع على زعم الشّارح مسبّب عن الغرابة ، واشتراط الخلوص عن الغرابة في
الفصاحة يغني عن اشتراط الخلوص من الكراهة ، لأنّ الخلوص عن الغرابة مستلزم للخلوص
عن الكراهة في السّمع ، ضرورة أنّ انتفاء العلّة مستلزم لانتفاء معلولها. وقد أشار
إلى ما ذكرناه في وجه النّظر بقوله : «لأنّ الكراهة في السّمع إنّما هي من جهة
الغرابة ...».
(٣) أي
اجتمعتم.
(٤) أي
تفرّقوا.
(٥) مثل اطلخمّ
اللّيل ، بمعنى اظلمّ.
(٦) أي قيل في
بيان وجه النّظر إنّ الكراهة في السّمع ليست راجعة إلى جوهر اللّفظ وذاته ، بل
إنّما هي راجعة إلى الصّوت أي عدم طيب الصّوت لأنّ النّغم جمع نغمة وهي الصّوت ،
يقال : فلان حسن النّغمة إذا كان حسن الصّوت ، أو قبيح النّغمة إذا كان أنكر
الصّوت ، فإذا لا يمكن اعتبار الخلوص منها في فصاحة الكلمة ، إذ يلزم من ذلك أن
تصير الألفاظ الفصيحة غير فصيحة إذا أدّيت بنغم قبيحة ، والألفاظ الغير الفصيحة
فصيحة إذا أدّيت بنغم حسنة ، وفساد هذا غنيّ عن البيان.