و هى اسم لدخول الجارّ عليها بلا تأويل في قولهم: على كيف تبيع
الأحمرين؟ أي اللحم و الخمر، و لإبدال اسم الصريح منها كيف أنت؟ أ صحيح أم سقيم؟ و
الإخبار بها مع مباشرة الفعل، نحو: كيف كنت؟ فبالإخبار بها انتفت الحرفيّة، و
بمباشرة الفعل انتفت الفعليّة. و ترد على وجهين:
أحدهما:أن تكون شرطيّة، فيقتضي فعلين متّفقي اللفظ و المعنى، نحو: كيف تصنع
أصنع، و لا يجوز: كيف تجلس أذهب باتّفاق، و تجزم فعلين عند النّحاة الكوفيّين و
قطرب من البصريّين مطلقا، و قيل: بشرط اقترانها بما، نحو: كيفما تكن أكن. قالوا: و
من ورودها شرطيّة قوله تعالى:يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ [المائدة/ 64]،يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ [آل عمران/ 6]فَيَبْسُطُهُ فِي
السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ [الروم/ 48]، و جوابها في ذلك كلّه محذوف لدلالة ما قبلها. قال ابن
هشام: و هذا يشكل على اطلاقهم أنّ جوابها يجب مماثلثه لشرطها، انتهى.
قيل: و لقائل أن يقول: لا إشكال، لأنّا لا نقدّر الجواب فعلا مثل
الّذى قبلها، و إنّما نقدّره فعلا مضارعا من المشيئة متعلّقا بالحدث الّذى قبلها،
و التقدير كيف يشاء الأمور يشاء الاتّفاق، أى لا فرق بين الشيئين إلا بالتعلّق،
فصدق أنّ شرطها مماثل لجوابها، و أنّ جوابها محذوف لدلالة ما قبلها، لأنّ ما قبلها
فعل اختياريّ، و الأفعال الاختياريّة لها دلالة على المشيئة و استلزام لها، و
كثيرا ما تطلق و تراد هي منها كقوله تعالى:إِذا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ [المائدة/
6]، أى أردتم القيام لها.
و الثاني:أن تكون استفهاميّة، و هو الغالب فيها، و يستفهم بها عن حال الشيء لا
عن ذاته. قال الراغب[2]: و إنّما يسأل بها عمّا يصحّ أن يقال فيه: شبيه و غير شبيه، و لهذا لا
يصحّ أن يقال في اللّه تعالى: كيف، قال: و كلّما أخبر اللّه بلفظ كيف عن نفسه، فهو
استخبار على طريقة التنبيه للمخاطب أو التوبيخ له، نحو:كَيْفَ تَكْفُرُونَ
بِاللَّهِ [البقرة/
28]،كَيْفَ
يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً [آل عمران/ 86]، انتهى.
قال في المغني: الاستفهام بها إمّا حقيقىّ، نحو: كيف زيد؟ أو غيره،
نحو:كَيْفَ
تَكْفُرُونَ بِاللَّهِالآية، فإنّه أخرج مخرج التعجّب.
[1] - لم يسمّ قائله: اللغة: تجنحون: تميلون،
السلم: الصلح، ثئرت: مجهول من ثار دمه، أى طلب دمه و قاتل قاتله، القتلى: جمع
قتيل، اللظى: النار، الهيجاء: الحرب، تضطرم: تشتعل.
[2] - الراغب الإصفهاني (الحسين بن محمّد) (ت 502
ه) إمام من حكماء العلماء، اشتهر بالتفسير و اللغة، من آثاره «المفرداتفي غريب القرآن». المنجد
فى الأعلام ص 260.
اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 894