و كونه مفردا أكثر في الاستعمال و أبلغ في المعنى، حتّى ادّعى بعضهم
أنّ الجمع على نيّة معنى الواحد، فكم رجال على معنى كم جماعة من الرجال، و دخل في
المفرد ما يؤدّى معنى الجمع، نحو: كم قوم صدقوني، قاله في التصريح.
و إنّما كان مميّز الخبريّة مجرورا مفردا، لأنّها كانت للتكثير، و صار
تمييزها كتمييز العدد الكثير، و هو المائة و الألف، و جاز الجمع فيه، و لم يجز في
العدد الصريح، لأنّ في لفظ العدد الكثير ما ينبئ عن كميّة الكثرة صريحا، و كم
الخبريّة ليست مثله في التصريح، فجعل جمعه كأنّه نائب عن معنى التصريح في مثله، و
حكي عن تميم نصبه مطلقا، و روي قول الفرزدق [من الكامل]:
بالنصب إمّا حملا على هذه اللغة التميميّة، و إمّا على تقديرها
استفهاميّة استفهام تهكّم، أي أخبرني بعدد عمّاتك و خالاتك اللّاتي كنّ يخدمنني،
فقد نسيته و عليهما فكم مبتدأ، و خبره قد حلبت، و إفراد الضمير حملا على لفظ كم،
أو على أنّه عائد على مجموع من تقدّم، كما في قولك: النساء فعلت، و يروى بالجرّ
على قياس تمييز الخبريّة، و بالرفع على أنّه مبتدأ.
و إن كان نكرة لكونه وصفا بلك و بفدعاء محذوفة مدلولا عليها
بالمذكورة، إذ ليس المراد تخصيص الحالة بوصفها بالفدع، كما حذفت لك من صفة خالة
استدلالا عليها، بل الأولى، و الخبر قد حلبت، و لا بدّ من تقدير قد حلبت أخرى،
لأنّ المخبر عنه فى هذا الوجه متعدّد لفظا و معنى، و نظيره: زينب هند قامت، و كم
على هذا الوجه ظرف أو مصدر، و التمييز محذوف، أي كم وقت أو حلبة، و إذا نصب
التمييز بفصل أو بغير فصل جاز كونه أيضا مفردا أو جمعا، كما إذا جرّ.
[1] - هو للقطامى، اللغة: على عدم: مع عدم، و العدم
بمعنى الفقر و الاحتياج، الإقتار: مصدر أقتر بمعنى افتقر و ضاق عيشه.
[2] - لم يذكر قائله. اللغة: باد: هلك، سوقة:
الرعية و ما دون الملك.
[3] - اللغة: فدعاء: المرأة الّتى اعوجت إصبعها من
كثرة حلبها، يقال: الفدعاء هي الّتي أصاب رجلها الفدع من كثرة مشيها وراء الإبل،
العشار: جمع عشراء، الناقة الّتي أتي عليها من وضعها عشره أشهر.
اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 891