اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 78
و المراد بالذات هنا ما يستقلّ بالمفهوميّة، لا ما يقوم بنفسه ليدخل
نحو مفهوم و مضمر ممّا يقوم بغيره من المشتقّات.
و «أيضا»
مصدر آض، إذا رجع، و هي كلمة لا تستعمل إلا مع شيئين، بينهما توافق، و يمكن
استعناء كلّ منهما عن الآخر، فخرج بالشئين، نحو: جاء زيد أيضا مقتصرا عليه لفظا و
تقديرا، و بالتوافق، نحو: جاء و مات أيضا، و بإمكان الاستغناء، نحو: اختصم زيد و
عمرو أيضا، فلا يقال في شيء من ذلك، و هو مفعول مطلق، حذف عامله سماعا كما نقل،
أو حال، حذف عاملها و صاحبها، أي و أرجع إلى تقسيم الاسم رجوعا، أو أقول راجعا.
المعرفة، و أقسامها سبعة:
الاسم «إن وضع
لشيء بعينه فمعرفة»، و المراد ليستعمل في شئ بعينه، و ليس المراد
التعيين الشخصيّ، بل التعيين بوجه ما، و قيل: الحيثية مراد، أي ليستعمل في شيء
بعينه، من حيث إنّه بعينه، و حاصله الإشارة إلى معيّن عند السّامع من حيث هو معيّن
بوجه ما.
و بهذا تخرج النكرات عن التعريف،
لأنّ معانيها و إن وجب تعيينها عند السامع، لكن ليس في اللفظ إشارة إليه بخلاف
الضمائر الراجعة إليها، فإنّ فيها إشارة إلى ذلك التعيّن، و كذا المعرّف بلام
العهد إذا كان المعهود منكرّا كما في قوله تعإلى:
أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا* فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ
[المزمل/ 16 و 15]، فإنّ الأوّل نكرة، و الثاني معرفة، و لا فرق بينهما إلا بما
ذكرنا من الإشارة و عدمها، ثمّ الشئ المذكور في التعريف أعمّ ممّا وضع له اللفظ
كما في الأعلام، و ممّا وضع لما يصدق عليه كسائر المعارف، و هذا مبنيّ على ما
اشتهر من أنّ المعتبر في المعرفة هو التّعيين عند الاستعمال دون الوضع، سواء، كان
معيّنا في الوضع أم لا، ليندرج فيه الأعلام الشخصيّة و غيرها من المضمرات و
المبهمات و سائر المعارف، فإنّ لفظ أنا مثلا لا يستعمل إلا في أشخاص معيّنة، إذ لا
يصحّ أن يقال: أنا و يراد به متكلّم لا بعينه، و ليست موضوعة لواحد منها، و إلا
لكانت في غيره مجازا، و لا لكلّ واحد منها، و إلا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعا بعدد
أفراد المتكلّم، و هو باطل اتّفاقا، إذ لا يمكن أن يتصوّر واضع اللغة اصطلاحا كلّ
واحدة من المخصوصات الّتي يطلق عليها لفظة أنا، فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كليّ
شامل لتلك الأفراد، و يكون الغرض من وضعها له استعمالها له في أفراد المعينة دونه،
و قس عليه سائر المعارف سوي العلم.