اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 558
و ذهب الكسائيّ و هشام إلى أنّ بدل البعض لا يقع إلا على ما دون
النصف، و لا يسمّى أكلت الرغيف نصفه أو ثلثه أو أكثره، بدل بعض عندهما، و لا بدّ
في هذا البدل من اتّصاله بضمير يعود إلى المبدل منه، مذكور ك بعت العبد نصفه، أو
مقدّر كقوله تعالى:وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل
عمران/ 97]، أي منهم، فمن بدل بعض من الناس، لأنّ المستطيع بعض الناس لا كلّهم، و
قال ابن برهان:
بدل الكلّ، و المراد بالناس المستطيع، فهو عامّ أريد به خاصّ، لأنّ
اللّه لا يكلّف الحجّ من لا يستطيع.
تنبيه:التعبير بلفظ البعض و الكلّ بإدخال أل عليها وقع في كلام كثير، و قد
استعملهما الزجاجيّ في جملة، كذلك و اعتذر عنه بأنّه تسامح فيه موافقة للناس، قال
بعض الأئمة: لا يجوز إدخال أل عليها عند الجمهور. قال ابن خالويه في كتاب: يغلط
كثير من الخواصّ بإدخال أل على كلّ و بعض، و ليس من لغة العرب، لأنّهما معرفتان في
نيّة الإضافة، و بذلك نزل القرآن، و عن الأصمعيّ أنّه قال: قرأت آداب المقفع فلم
أر فيه لحنا إلا قوله: العلم أكثر من أن يحاط بالكلّ منه، فاحفظوا البعض، قال: و
ذلك خطأ، لأنّهما معرفتان، لا تدخلهما ال، قال: و مثل ذلك قبل و بعد، انتهى.
و الجواز مذهب الأخفش و الفارسيّ: و من الغريب ما وقع في الكتاب
الهادي الشادي[1]نقلا
عن الأزهري أنّ النّحويّين أجازوا إدخال الألف و اللام في بعض و كلّ، و إن أباه
الأصمعيّ، و إنّما أباه الأصمعيّ لأنّ مذهب العرب عدم جواز دخول الألف و اللام[2]عليهما،
لأنّها مضافان ألبتّة، و إمّا ظاهرا و إمّا مضمرا، انتهى.
الثالث: بدل الاشتمال و لاختلافهم فيه،بيّنه المصنّف بقوله: و هو الّذي
اشتمل عليه المبدل منه لا كاشتمال الظرف على المظروف، بل من حيث كونه دالّا عليه
إجمالا و متقاضيا له بوجه ما، بحيث يتشوّق السامع عند ذكر المبدل منه إلى ذكره أي
ذكر البدل، و يكون منتظرا له، فجئ هو مبيّنا و ملخّصا لما أجمل أوّلا نحو: قوله
تعالى:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ [البقرة/ 217]، فقتال بدل اشتمال من
الشهر لاشتماله عليه بالمعنى المذكور، فالمشتمل هو الأوّل، و هو مذهب الفارسيّ و
الرمانيّ و خطاب ابن مالك.
[1] - الهادي الشادي في النحو لأبي الفضل أحمد بن
محمد الميداني المتوفى سنة 518 ه ق. كشف الظنون، 2/ 2026.