مثال للمستتر الّذي عمل فيه الناسخ، ففي كان ضمير الشأن، و هو اسمها،
و الناس مبتدأ، و صنفان خبر، و شامت خبر مبتدإ محذوف، أي أحد الصنفين شامت.
و قيل: يجوز أن يكون بدلا من صنفان، و قوله: مثن يجوز أن يكون بدلا من
صنفان و قوله: مثن أي على، و أصنع، أي أصنعه، لأنّه عائد الموصول، و المعنى: إذا
متّ، و كان الناس ورائي نوعين: نوع منهم يشمت بي، و نوع يثنّى علىّ بالّذي كنت
أصنعه في حياتي.
تنبيهات:الأوّل:لا يجوز للجملة المفسّرة لهذا الضمير أن تتقدّم هي أو شيء منهما
عليه، خلافا ليوسف بن أبي سعيد السيرافي، فإنّه أجاز في قوله [من الطويل]:
فيمن رفع سكران و ابن المراغة على أن يكون في كان ضمير الشأن، و ابن
المراغة و سكران مبتدأ و خبر، و الجملة مفسّرة، و الصواب أنّ كان زائدة، و الأشهر
في إنشاده نصب سكران و رفع ابن المراغة، فارتفاع متساكر على أنّه خبر لهو محذوفا و
يروى بالعكس، و اسم كان مستتر فيها.
الثاني:لا يجوز حذف هذا الضمير لعدم الدليل عليه إذ الخبر مستقلّ، ليس فيه
ضمير رابط، و لا يحذف المبتدأ و لا غيره إلا مع القرينة، و أيضا فإنّ المقصود من
الكلام المصدريّة هو التفخيم و التعظيم، فلا يلائمه الاختصار، و الّذي سوّغ حذفه
منصوبا صيرورته بالنصب في صورة الفضلات مع دلالة الكلام عليه نحو قوله [من
الخفيف]:
[2] - العجير بن عبد اللّه من بني سلول من شعراء
الدولة الأموية، كنيته أبو الفرزدق و عجير لقبه، عدّه ابن سلام في شعراء الطبقة
الخامسة من الاسلاميين، مات سنه 90 ه. الأعلام للزركلي، 5/ 5.
[3] - اللغة: الشامت: اسم فاعل من شمت بعدوه أي:
فرح بمكروه أصابه. مثن: اسم فاعل من أثنى على فلان أي: وصفه بخير.
[4] - هو للفرزدق يهجو بها جرير بن عطية بن الخطف
التميمي. اللغة: الهمزة للتوبيخ على سبيل الإنكار.
سكران: من به سكر. ابن المراغة: كنية جرير الشاعر، المتساكر: اسم
الفاعل من التساكر و هو إظهار السكر و تكلّفه من غير وجوده في الشخص.